أنت في الصفحة : مقالات

مقالات
الادوار الاجتماعية والتربوية للمسجد
الادوار الاجتماعية والتربوية للمسجد
الكاتب : عزيز ملا هذال

تأريخ النشر : 2019-01-20 18:59:19

عزيز ملا هذال مَسْجِد في اللغة على وزن مَفْعِل بكسر العين، اسم لمكان السجود، وبالفتح هو موضع السجود من بدن الإنسان وقيل إن المسجد اسم جامع حيث سجد عليه وفيه والمسجد من الأرض موضع السجود نفسه. وفي الاصـطـلاح: يقول الزركشي: "لما كان السجود أشرف أفعال الصلاة لقرب العبد من ربه، فقد اشتق اسم المكان منه فقيل: مسجِد ولم يقل مَرْكِع، كما خصص المسجد بالمكان المهيأ لأداء الصلوات الخمس والكسوف والخسوف ونحوها حتى يخرج المصلّى المجتمع فيه للأعياد ونحوها فلا يعطى حكمه وكذلك الربط والمدارس لأنها هُيئت لغير ذلك وللمسجد منزلة رفيعة في الإسلام فهو مدرسة للعلم وندوة للأدب ومصحة للأرواح وهو المشفى للابدان وكفاها عزاً وفخراً أن الله أضافها إليه إضافة شريف ففي قوله تعالى يبيّن منزلته حيث يقول (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا) وكما معلوم للجميع لم يقتصر دور المسجد على جانب العبادات فحسب بل اضطلع المسجد بأدوار أخرى فعلى الصعيد الاجتماعي قام المسجد بتوثيق الصلة ومد جسور الثقة والتعاون بينه وبين محيطه كما تدخّل وبقوة في حل المشكلات التي يعاني منها المجتمع كما فعّل الكثير من الادوار الاجتماعية مثل اقامته لمشاريع في تطوير المجتمع وتنميته مثل برامج تعليم الكبار ومحو الأمية وكونه محلا لعقد الزواج وبناء دور للنازحين او المشردين وانشاءه صناديق الزكاة التي تمثل حالة التعاون التي دعا اليها الدين الاسلامي الحنيف الذي يؤكد وجوب تربية أبناء المجتمع الاسلامي على روح التعاون والاتحاد وعرض مشكلات الامة والبحث عن حلول جذرية وواقعية لها فهي نبراس يقصده التائهين وهي كما وصفها الله جل في علاه بقوله (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ) واعتقد ان هذا الرفع الوارد في الآية المباركة ليس للجدران او الدعائم التي تمثل الجانب التكويني للمسجد بل لكونه ساحات الطهر الخالية من أي زيف فالمسجد دور واضح وجلي في تقوية أواصر المجتمع وتماسكه وبثّ روح المحبة والاخاء، وهذا التماسك يُعد هدفاً شرع من اجل الكثير من التشريعات كتشريع التآخي بين المؤمنين فقد جاء الاسلام بالكثير من السنن والآداب التي تعلّم الانسان كيفية التعامل مع نظيره الانسان بالشكل الذي يؤمن سلامة وقوة ذلك التماسك ولعل صلاة الجماعة واجدة من أهم مصاديق الجماعة في المسجد التي يراد منها اجتماع المؤمنين ثلاث مرات يومياً وقد وردت بعض الروايات التي تحث على الذهاب إلى المسجد بنية طلب الجماعة، فعن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم قال (من مشى إلى مسجد يطلب فيه الجماعة كان له بكل خطوة سبعون ألف حسنة ويرفع له من الدرجات مثل ذلك، وإن مات وهو على ذلك وكَّل الله به سبعين ألف ملك يعودونه في قبره ويؤنسونه في وحدته ويستغفرون له حتى يُبعث) بعد أن أوجزنا الدور الاجتماعي نصل الى الدور التربوي للمسجد فقد كان المسجد عبر التأريخ الاسلامي محلا يقصد إليه المصلون ليس لأداء الصلاة والعبادة فحسب بل لتصحيح تصوراتهم واعتقاداتهم غير الصحيحة فالمسجد مدرسة تعليمية عظيمة يتصدى فيها العلماء الفضلاء للتدريس وتوعية الناس بما جهلوه او غفلوا عنه من امور دينهم ودنياهم ومن خلال المسجد بزغت شمس العديد من العلماء الذين اصبحوا فيما بعد مناراً وقدموا للإنسانية خدمات جليلة وكبيرة فقد كان الرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) يختص بأصحابه ممن يراهم اهلا للعلم والمعرفة ويثريهم بمواعظه الرشيدة وتوجيهاته القويمة والحكيمة بمنهج رباعي الاركان يحتوي القرآن الكريم وتعليم الشرع والحكمة وتزكية النفس من الرذائل والادران وقد سلك في ذلك مسالك متنوعة تراعي سمات الأشخاص والفروق بين الأفراد فليس خفي عليكم ايها القرّاء الكرام من أن للمسجد دورًا تعليميًّا واضحًا عبر العصور والازمنة وهو ما يحدّثنا به التأريخ الاسلامي والى يومنا هذا وهنا لابد من التذكير بمسألة ضرورية وهو أن عامة الناس الذين لا يجيدون القراءة والكتابة لديهم حاجة ماسة وعطش الى تقلي المعلومة الدينية والثقافة العامة ايضاً في جميع مجالات الحياة وهو ما يجعل من المسجد المصدر الاساسي لتعليمهم وهنا أكد الاسلام على حركة التعلم العظيمة التي يقودها المسجد وقد ورد في الرواية أن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم خرج فإذا في المسجد مجلسان، مجلس يتفقهون ومجلس يدعون الله ويسألونه، فقال: "كلا المجلسين إلى خير، أما هؤلاء فيدعون الله، وأما هؤلاء فيتعلمون ويفقهون الجاهل، هؤلاء أفضل بالتعليم، أرسلت لما أرسلت ثم قعد معهم , فالمسجد هو بيت التربية بامتياز ودار الفلاح وهو المكان والارض الخصبة لتزكية النفوس وله الاثر البالغ في تمنية الاخلاق للفرد المسلم والابتعاد عن السلوكيات السيئة.
تعليقات القرآء (0 تعليق)
لاتوجد اي تعليقات حاليا.

ملاحظة: لطفا التعليق يخضع لمراجعة الادارة قبل النشر

جاري التحميل ...

حدث خطأ بالاتصال !
ستتم اعادة المحاولة بعد 10 ثوان ...

جاري التحميل ...

الادوار الاجتماعية والتربوية للمسجد
Image 1
تاريخ النشر 2019-01-20

عزيز ملا هذال مَسْجِد في اللغة على وزن مَفْعِل بكسر العين، اسم لمكان السجود، وبالفتح هو موضع السجود من بدن الإنسان وقيل إن المسجد اسم جامع حيث سجد عليه وفيه والمسجد من الأرض موضع السجود نفسه. وفي الاصـطـلاح: يقول الزركشي: "لما كان السجود أشرف أفعال الصلاة لقرب العبد من ربه، فقد اشتق اسم المكان منه فقيل: مسجِد ولم يقل مَرْكِع، كما خصص المسجد بالمكان المهيأ لأداء الصلوات الخمس والكسوف والخسوف ونحوها حتى يخرج المصلّى المجتمع فيه للأعياد ونحوها فلا يعطى حكمه وكذلك الربط والمدارس لأنها هُيئت لغير ذلك وللمسجد منزلة رفيعة في الإسلام فهو مدرسة للعلم وندوة للأدب ومصحة للأرواح وهو المشفى للابدان وكفاها عزاً وفخراً أن الله أضافها إليه إضافة شريف ففي قوله تعالى يبيّن منزلته حيث يقول (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا) وكما معلوم للجميع لم يقتصر دور المسجد على جانب العبادات فحسب بل اضطلع المسجد بأدوار أخرى فعلى الصعيد الاجتماعي قام المسجد بتوثيق الصلة ومد جسور الثقة والتعاون بينه وبين محيطه كما تدخّل وبقوة في حل المشكلات التي يعاني منها المجتمع كما فعّل الكثير من الادوار الاجتماعية مثل اقامته لمشاريع في تطوير المجتمع وتنميته مثل برامج تعليم الكبار ومحو الأمية وكونه محلا لعقد الزواج وبناء دور للنازحين او المشردين وانشاءه صناديق الزكاة التي تمثل حالة التعاون التي دعا اليها الدين الاسلامي الحنيف الذي يؤكد وجوب تربية أبناء المجتمع الاسلامي على روح التعاون والاتحاد وعرض مشكلات الامة والبحث عن حلول جذرية وواقعية لها فهي نبراس يقصده التائهين وهي كما وصفها الله جل في علاه بقوله (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ) واعتقد ان هذا الرفع الوارد في الآية المباركة ليس للجدران او الدعائم التي تمثل الجانب التكويني للمسجد بل لكونه ساحات الطهر الخالية من أي زيف فالمسجد دور واضح وجلي في تقوية أواصر المجتمع وتماسكه وبثّ روح المحبة والاخاء، وهذا التماسك يُعد هدفاً شرع من اجل الكثير من التشريعات كتشريع التآخي بين المؤمنين فقد جاء الاسلام بالكثير من السنن والآداب التي تعلّم الانسان كيفية التعامل مع نظيره الانسان بالشكل الذي يؤمن سلامة وقوة ذلك التماسك ولعل صلاة الجماعة واجدة من أهم مصاديق الجماعة في المسجد التي يراد منها اجتماع المؤمنين ثلاث مرات يومياً وقد وردت بعض الروايات التي تحث على الذهاب إلى المسجد بنية طلب الجماعة، فعن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم قال (من مشى إلى مسجد يطلب فيه الجماعة كان له بكل خطوة سبعون ألف حسنة ويرفع له من الدرجات مثل ذلك، وإن مات وهو على ذلك وكَّل الله به سبعين ألف ملك يعودونه في قبره ويؤنسونه في وحدته ويستغفرون له حتى يُبعث) بعد أن أوجزنا الدور الاجتماعي نصل الى الدور التربوي للمسجد فقد كان المسجد عبر التأريخ الاسلامي محلا يقصد إليه المصلون ليس لأداء الصلاة والعبادة فحسب بل لتصحيح تصوراتهم واعتقاداتهم غير الصحيحة فالمسجد مدرسة تعليمية عظيمة يتصدى فيها العلماء الفضلاء للتدريس وتوعية الناس بما جهلوه او غفلوا عنه من امور دينهم ودنياهم ومن خلال المسجد بزغت شمس العديد من العلماء الذين اصبحوا فيما بعد مناراً وقدموا للإنسانية خدمات جليلة وكبيرة فقد كان الرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) يختص بأصحابه ممن يراهم اهلا للعلم والمعرفة ويثريهم بمواعظه الرشيدة وتوجيهاته القويمة والحكيمة بمنهج رباعي الاركان يحتوي القرآن الكريم وتعليم الشرع والحكمة وتزكية النفس من الرذائل والادران وقد سلك في ذلك مسالك متنوعة تراعي سمات الأشخاص والفروق بين الأفراد فليس خفي عليكم ايها القرّاء الكرام من أن للمسجد دورًا تعليميًّا واضحًا عبر العصور والازمنة وهو ما يحدّثنا به التأريخ الاسلامي والى يومنا هذا وهنا لابد من التذكير بمسألة ضرورية وهو أن عامة الناس الذين لا يجيدون القراءة والكتابة لديهم حاجة ماسة وعطش الى تقلي المعلومة الدينية والثقافة العامة ايضاً في جميع مجالات الحياة وهو ما يجعل من المسجد المصدر الاساسي لتعليمهم وهنا أكد الاسلام على حركة التعلم العظيمة التي يقودها المسجد وقد ورد في الرواية أن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم خرج فإذا في المسجد مجلسان، مجلس يتفقهون ومجلس يدعون الله ويسألونه، فقال: "كلا المجلسين إلى خير، أما هؤلاء فيدعون الله، وأما هؤلاء فيتعلمون ويفقهون الجاهل، هؤلاء أفضل بالتعليم، أرسلت لما أرسلت ثم قعد معهم , فالمسجد هو بيت التربية بامتياز ودار الفلاح وهو المكان والارض الخصبة لتزكية النفوس وله الاثر البالغ في تمنية الاخلاق للفرد المسلم والابتعاد عن السلوكيات السيئة.

لا توجد اي صور متوفرة حاليا.