أنت في الصفحة : مقالات

مقالات
الاتجاه القرآني في تفسير الحروف المقطعة
الاتجاه القرآني في تفسير الحروف المقطعة
الكاتب : ساجد صباح ميس العسكري

تأريخ النشر : 2020-02-20 16:12:47

ساجد صباح ميس العسكري كلية العلوم الإسلامية - جامعة كربلاء هناك أتجاهات متعددة في تفسير الحروف المقطعة منها: الاتجاه الروائي، والاتجاه الاجتهادي، والاتجاه اللغوي، والاتجاه القرآني. وهذا الأخير يرجع إلى القرآن الكريم في فهم معنى الحروف المقطعة؛ لأن الحروف المقطعة من المتشابه الذي لابدّ من ارجاعه إلى المحكمات ليكون بيناً وتحته أقوال منها : أولاً: الارتباط بين الحروف المقطعة ومضامين السورة : ويذهب إلى هذا الرأي السيد الطباطبائي وبعض الباحثين المعاصرين ومنهم الدكتور رشاد خليفة والدكتور باسم جرار والدكتور فضل عباس، فأصحاب هذا القول يرون أن هناك ارتباطًا وثيقًا بين الحروف المقطعة ومضامين السور المفتتحة بالحروف نفسها، يقول السيد الطباطبائي: (( ثم إنك إن تدبرت بعض التدبر في هذه السور التي تشترك في الحروف المفتتح بها مثل الميمات والراءات والطواسين والحواميم ، وجدت في السور المشتركة في الحروف من تشابه المضامين وتناسب السياقات ما ليس بينها وبين غيرها من السور. ويؤكد ذلك ما في مفتتح أغلبها من تقارب الألفاظ كما في مفتتح الحواميم من قوله : " تنزيل الكتاب من الله " أو ما هو في معناه ، وما في مفتتح الراءات من قوله: " تلك آيات الكتاب " أو ما هو في معناه ، ونظير ذلك واقع في مفتتح الطواسين ، وما في مفتتح الميمات من نفي الريب عن الكتاب أو ما هو في معناه . ويمكن أن يحدس من ذلك أن بين هذ الحروف المقطعة ومضامين السور المفتتحة بها ارتباطًا خاصًا، ويؤيد ذلك ما نجد أن سورة الأعراف المصدرة بـ(المص) في مضمونها كأنها جامعة بين مضامين (الميمات) و(ص)، وكذا سورة الرعد المصدرة بـ(المر) في مضمونها كأنها جامعة بين مضامين الميمات والراءات...)) ، ثم يعقب على ما يقول في تفسير تلك الحروف قائلاً: ((ويستفاد من ذلك أن هذه الحروف رموز بين الله سبحانه ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم خفية عنا لا سبيل لأفهامنا العادية إليها إلا بمقدار أن نستشعر أن بينها وبين المضامين المودعة في السور ارتباطًا خاصًا...)) ، ويؤيد ما ذكره السيد الطباطبائي بعض الباحثين المعاصرين فقد استعان الدكتور رشاد خليفة العالم الكيميائي المصري بالعقل الالكتروني ولمدة ثلاث سنوات ليتوصل إلى حقائق تثبت وجود علاقة بين الحروف المقطعة وحروف السورة التي تصدرت بالحروف المقطعة ومن ذلك ما وجده في الحرف (ق) فأن أكثر نسبه لهذا الحرف في سورة (ق) وأن نسبه حرف (ص) في سورة (ص) أكثر من غيرها... وهكذا. وقد أوجد الطالب فضل عباس في رسالة الماجستير الموسومة (الحروف المقطعة في أوائل السور) أن هناك مناسبة بين السور المشتركة بنفس الأحرف المقطعة وأفرد لذلك مبحثاً خاصاً لدراسة حالة التناسب بين السور المفتتحة بالحروف المقطعة نفسها. ثانياً: إنها جاءت للدلالة على التحدي: بدلالة إن ما بعدها –غالباً- ذكراً للقرآن الكريم أو ما يعلق به مثلاً (( ألم* ذلك الكتاب لاريب فيه ))[البقرة/ 1-2 ]، وقوله تعالى:(( ألر* تلك آيات الكتاب الحكيم))[ يونس:1 ] ومفاد هذا التحدي أن القرآن الكريم مركب من هذه الحروف التي عجزتم أن تأتوا بسورة من مثله، وذهب إلى هذا الرأي كثير من أهل اللغة والتفسير قديماً وحديثاً فمن اللغويين الخليل وأبو علي الفارسي وقطرب والمبرد والفراء والزجاج، ومن المفسرين الطبرسي، والطوسي، والزمخشري، والرازي، والراغب الأصفهاني، وابن كثير، وسيد قطب، قال القرطبي: ((وقال قطرب والفراء وغيرهما: هي إشارة إلى حروف الهجاء أعلم الله بها العرب حين تحداهم بالقرآن أنه مؤتلف من حروف هي التي منها بناء كلامهم ، ليكون عجزهم عنه أبلغ في الحجة عليهم إذ لم يخرج عن كلامهم )) ، وقال ابن كثير: ((قد حكى هذا المذهب الرازي في تفسيره عن المبرد وجمع من المحققين ، وحكى القرطبي عن الفرّاء وقطرب نحو هذا، وقرره الزمخشري في كشافه ونصره أتم نصر، وإليه ذهب الشيخ الإمام العلامة أبو العباس ابن تيمية وشيخنا الحافظ المجتهد أبو الحجاج المزي وحكاه لي عن ابن تيمية)) ، أمّا سيد قطب فيقول: (( إنها اشارة للتنبيه إلى إن هذا الكتاب مؤلف من جنس هذه الحروف وهي متناول المخاطبين به من العرب ولكن مع هذا هو ذلك الكتاب المعجز الذي لا يملكون أن يصوغوا من تلك الحروف مثله ...)).
تعليقات القرآء (0 تعليق)
لاتوجد اي تعليقات حاليا.

ملاحظة: لطفا التعليق يخضع لمراجعة الادارة قبل النشر

جاري التحميل ...

حدث خطأ بالاتصال !
ستتم اعادة المحاولة بعد 10 ثوان ...

جاري التحميل ...

الاتجاه القرآني في تفسير الحروف المقطعة
Image 1
تاريخ النشر 2020-02-20

ساجد صباح ميس العسكري كلية العلوم الإسلامية - جامعة كربلاء هناك أتجاهات متعددة في تفسير الحروف المقطعة منها: الاتجاه الروائي، والاتجاه الاجتهادي، والاتجاه اللغوي، والاتجاه القرآني. وهذا الأخير يرجع إلى القرآن الكريم في فهم معنى الحروف المقطعة؛ لأن الحروف المقطعة من المتشابه الذي لابدّ من ارجاعه إلى المحكمات ليكون بيناً وتحته أقوال منها : أولاً: الارتباط بين الحروف المقطعة ومضامين السورة : ويذهب إلى هذا الرأي السيد الطباطبائي وبعض الباحثين المعاصرين ومنهم الدكتور رشاد خليفة والدكتور باسم جرار والدكتور فضل عباس، فأصحاب هذا القول يرون أن هناك ارتباطًا وثيقًا بين الحروف المقطعة ومضامين السور المفتتحة بالحروف نفسها، يقول السيد الطباطبائي: (( ثم إنك إن تدبرت بعض التدبر في هذه السور التي تشترك في الحروف المفتتح بها مثل الميمات والراءات والطواسين والحواميم ، وجدت في السور المشتركة في الحروف من تشابه المضامين وتناسب السياقات ما ليس بينها وبين غيرها من السور. ويؤكد ذلك ما في مفتتح أغلبها من تقارب الألفاظ كما في مفتتح الحواميم من قوله : " تنزيل الكتاب من الله " أو ما هو في معناه ، وما في مفتتح الراءات من قوله: " تلك آيات الكتاب " أو ما هو في معناه ، ونظير ذلك واقع في مفتتح الطواسين ، وما في مفتتح الميمات من نفي الريب عن الكتاب أو ما هو في معناه . ويمكن أن يحدس من ذلك أن بين هذ الحروف المقطعة ومضامين السور المفتتحة بها ارتباطًا خاصًا، ويؤيد ذلك ما نجد أن سورة الأعراف المصدرة بـ(المص) في مضمونها كأنها جامعة بين مضامين (الميمات) و(ص)، وكذا سورة الرعد المصدرة بـ(المر) في مضمونها كأنها جامعة بين مضامين الميمات والراءات...)) ، ثم يعقب على ما يقول في تفسير تلك الحروف قائلاً: ((ويستفاد من ذلك أن هذه الحروف رموز بين الله سبحانه ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم خفية عنا لا سبيل لأفهامنا العادية إليها إلا بمقدار أن نستشعر أن بينها وبين المضامين المودعة في السور ارتباطًا خاصًا...)) ، ويؤيد ما ذكره السيد الطباطبائي بعض الباحثين المعاصرين فقد استعان الدكتور رشاد خليفة العالم الكيميائي المصري بالعقل الالكتروني ولمدة ثلاث سنوات ليتوصل إلى حقائق تثبت وجود علاقة بين الحروف المقطعة وحروف السورة التي تصدرت بالحروف المقطعة ومن ذلك ما وجده في الحرف (ق) فأن أكثر نسبه لهذا الحرف في سورة (ق) وأن نسبه حرف (ص) في سورة (ص) أكثر من غيرها... وهكذا. وقد أوجد الطالب فضل عباس في رسالة الماجستير الموسومة (الحروف المقطعة في أوائل السور) أن هناك مناسبة بين السور المشتركة بنفس الأحرف المقطعة وأفرد لذلك مبحثاً خاصاً لدراسة حالة التناسب بين السور المفتتحة بالحروف المقطعة نفسها. ثانياً: إنها جاءت للدلالة على التحدي: بدلالة إن ما بعدها –غالباً- ذكراً للقرآن الكريم أو ما يعلق به مثلاً (( ألم* ذلك الكتاب لاريب فيه ))[البقرة/ 1-2 ]، وقوله تعالى:(( ألر* تلك آيات الكتاب الحكيم))[ يونس:1 ] ومفاد هذا التحدي أن القرآن الكريم مركب من هذه الحروف التي عجزتم أن تأتوا بسورة من مثله، وذهب إلى هذا الرأي كثير من أهل اللغة والتفسير قديماً وحديثاً فمن اللغويين الخليل وأبو علي الفارسي وقطرب والمبرد والفراء والزجاج، ومن المفسرين الطبرسي، والطوسي، والزمخشري، والرازي، والراغب الأصفهاني، وابن كثير، وسيد قطب، قال القرطبي: ((وقال قطرب والفراء وغيرهما: هي إشارة إلى حروف الهجاء أعلم الله بها العرب حين تحداهم بالقرآن أنه مؤتلف من حروف هي التي منها بناء كلامهم ، ليكون عجزهم عنه أبلغ في الحجة عليهم إذ لم يخرج عن كلامهم )) ، وقال ابن كثير: ((قد حكى هذا المذهب الرازي في تفسيره عن المبرد وجمع من المحققين ، وحكى القرطبي عن الفرّاء وقطرب نحو هذا، وقرره الزمخشري في كشافه ونصره أتم نصر، وإليه ذهب الشيخ الإمام العلامة أبو العباس ابن تيمية وشيخنا الحافظ المجتهد أبو الحجاج المزي وحكاه لي عن ابن تيمية)) ، أمّا سيد قطب فيقول: (( إنها اشارة للتنبيه إلى إن هذا الكتاب مؤلف من جنس هذه الحروف وهي متناول المخاطبين به من العرب ولكن مع هذا هو ذلك الكتاب المعجز الذي لا يملكون أن يصوغوا من تلك الحروف مثله ...)).

لا توجد اي صور متوفرة حاليا.