من الفعاليات القرآنية التي دأب معهدُ القرآن الكريم في العتبة العباسية المقدّسة على المشاركة فيها وتسجيل حضورٍ فاعلٍ هو مهرجان سعيد بن جبير(رضي الله عنه) القرآنيّ الدوليّ السنويّ الذي تقيمه محافظة واسط بالتعاون مع العتبتين المقدّستين الحسينية والعباسية، وقد استمرّت فعاليّاته مدّة أربعة أيام وأُقيمت في مرقد الصحابيّ الجليل سعيد بن جبير(رضوان الله تعالى عليه) وبمشاركة إحدى عشرة دولة. واشترك المعهدُ في محفلٍ قرآنيّ أقيم في محافظة واسط ضمّ نخبةً من القرّاء الدوليّين وهم كلٌّ من القارئ السيد محمد جواد حسيني من إيران، والقارئ محمد أفضل إيماني من باكستان والقارئ أحمد النجفي من العراق فضلاً عن القارئ السيد حسنين الحلو من معهد القرآن الكريم في العتبة العباسية المقدّسة، وخلال هذا المحفل كانت هناك كلمةٌ للعتبتين المقدّستين الحسينية والعباسية ألقاها بالإنابة السيد علاء الدين الحسنيّ وقد أشار فيها الى أهمّية هذه المحافل القرآنية، وعلى الكلّ أن يسهم بإشاعة الثقافة القرآنية بين أفراد المجتمع، وما هذا التفاعل والحضور إلّا دليلٌ على مدى العلقة مع القرآن والتي تبشّر بغدٍ قرآنيّ مشرق. وتخلّل هذا المحفل كذلك إلقاء العديد من الموشّحات والفواصل الإنشادية للقارئ سراج منير بشير. كما كان هناك محفلٌ قرآنيّ مبارك أُقيم أيضاً بإشراف ومشاركة معهد القرآن الكريم، حيث صدحت حناجرُ القرآنيّين من صحن أبي الفضل العباس(عليه السلام) بتلاواتٍ عطرة، وشهد مشاركة مجموعةٍ من القرّاء الدوليّين وحضوراً وتفاعلاً من قبل المدعوّين والزائرين. يُذكر أنّ محافظ واسط الأستاذ مالك خلف الوادي بيّن قائلاً: "إنّ المهرجان الذي يحمل نفحةً إيمانية كبيرة لأنّه مهرجانٌ للقرآن الكريم سيكون مناسبةً يؤكّد من خلاله قرّاء وحفظة القرآن الكريم من البلدان المشاركة دعمهم وإسنادهم للحشد الشعبيّ والقوّات الأمنية التي تخوض حرباً شرسةً ضدّ قوى الشرّ والإرهاب والضلالة متمثّلةً بعصابات داعش الإجرامية". مُضيفاً: "إنّ إقامة مهرجانٍ للقرآن الكريم في هذه الظروف وبمشاركة عددٍ من الدول يُعطي انطباعاً إيجابياً أنّ العراق يُعدّ محطّ أنظار المجتمع الدوليّ والشخصيات الدينية والفكرية والثقافية التي تجد فيه مناخاً للإبداع والعطاء بعيداً عن لغة العنف وإثارة النعرات الطائفية والمذهبية التي يروّج لها البعض". وأشار الى: "أنّ برنامج المهرجان يتضمّن إقامة محافل قرآنية في مناطق عديدة منها (الكوت والحيّ والنعمانية وبدرة)، وكذلك إقامة مسابقة قرآنية بين القرّاء والحفّاظ للقرآن الكريم من الدول المشاركة"، لافتاً الى: "أنّ المهرجان تخلّلته جلساتٌ في رحاب جامعة واسط لتقديم مجموعةٍ من البحوث التي تتعلّق بشخصية وتاريخ التابعيّ سعيد بن جبير". الجديرُ بالذكر أنّ الصحابيّ التابعيّ سعيد بن جبير الأسدي(رضي الله عنه) وُلد في خلافة الإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام) عام (46هـ) وهو حبشيّ الأصل، درس علوم الدين وسكن في الكوفة فأصبح إماماً ومعلّماً لأهلها وأصبح من تابعي صحابة الرسول في زمانه، وكان مشهوراً بالتقوى والزهد وكان من أصحاب الإمام زين العابدين عليّ بن الحسين(عليه السَّلام)، تُوفِّي عام (95هـ) إذ قتله الحجّاج بن يوسف الثقفيّ، وكانت جريمته أنّه عارض الحجّاج في فترة حكمه حيث كان يتّخذ من واسط مقرّاً لخلافته وفرض سيطرته على الكوفة والبصرة. وكان سعيد بن جبير(رضي الله عنه) أحد تلامذة الإمام علي بن الحسين(عليه السلام) وقد عدَّهُ الكشّيّ في رجاله (رجال الكشّي) والطوسي في رجاله من صحابة الإمام(عليه السلام)، وكان سعيد بن جبير(رضي الله عنه) كثيرَ العلم حتّى قيل عنه: [ليس على وجه الأرض من هو مستغنٍ عن علم ابن جبير]. وضريح سعيد بن جبير موجودٌ في قضاء الحيّ جنوبيّ مدينة الكوت مركز محافظة واسط (180كم جنوب العاصمة بغداد).