لا يوجد اتصال بالانترنت !
ستتم اعادة المحاولة بعد 10 ثواني ...
جاري التحميل ...
التّفسير الأمر بالعفو العام: هذه الآية وإن كانت تتضمن سلسلة من التعاليم الكلية الموجهة إلى رسول الله(ص) وتشتمل من حيث المحتوى على برامج كلية وأساسية، ولكنها من حيث النزول ترتبط بواقعة "أُحد" لأنه بعد رجوع المسلمين من "أُحد" أحاط الأشخاص الذين فروا من المعركة برسول الله (ص) وأظهروا له الندامة من فعلتهم وموقفهم، وطلبوا منه العفو. فأصدر الله سبحانه إلى نبيه (ص) أمره بأن يعفو عنهم، ويتجاوز عن سيئهم ويستقبل المخطئين التائبين منهم بصدر رحب. إذ قال تعالى: (فبما رحمة من الله لنت لهم، ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك) ولقد أشير في هذه الآية- قبل أي شيء- إلى واحدة من المزايا الأخلاقية لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ألا وهي اللين مع الناس والرحمة بهم، وخلوه من الفظاظة والخشونة. "الفظَّ"- في اللغة- هو الغليظ الجافي الخشن الكلام، و "غليظ القلب" هو قاسي الفؤاد الذي لا تلمس منه رحمة، ولا يحس منه لين. وهاتان الكلمتان وان كانتا بمعنى واحد هو الخشونة، إلاّ أن الغالب استعمال الأُولى في الخشونة الكلامية، واستعمال الثانية في الخشونة العملية والسلوكية، وبهذا يشير سبحانه إلى ما كان يتحلى به الرسول الأعظم من لين ولطف تجاه المذنبين والجاهلين. ثمّ إنه سبحانه يأمر نبيه بأن يعفو عنهم إذ يقول: (فاعف عنهم واستغفر لهم). وهذا الكلام يعني أنه سبحانه يطلب منه (ص) أن يتنازل عن حقه لهم إذ تفرقوا عنه في أحلك الظروف، وسببوا له تلك المصائب والمتاعب في تلك المعركة، وأنه يشفع لهم لدى نبيه بأن يتجاوز عنهم، وأن يشفع هو بدوره لهم عند الله ويطلب المغفرة لهم منه سبحانه. وبتعبير آخر أنه سبحانه يطلب من نبيه أن يعفو عنهم فيما بينه وبينهم، وأما ما بين الله وبينهم فهو سبحانه يغفر لهم ذلك. وقد فعل الرسول الكريم ما أمره به ربه وعفى عنهم جميعاً. ومن الواضح أن هذا المقام كان من الموارد التي تتطلب حتماً العفو والمغفرة، واللطف واللين، ولو أن النبي (ص) فعل غير ذلك لكان يؤدي ذلك إلى إنفضاض الناس من حوله، وتفرقهم عنه، إذ أن الجماعة رغم أنها أُصيبت بالهزيمة النكراء، وتحملت ما تحملت من القتلى والجرحى، وكانوا هم السبب فى ذلك، إلاّ أنهم أحوج ما يكونون إلى العطف واللطف وإلى اللين والعفو، وإلى البلاسم التي تبل جراحاتهم، وإلى المراهم التي تهدىء خواطرهم، حتّى يتهيأوا بعد شفائها واستعادة معنوياتهم إلى مواجهة أحداث المستقبل، وتحمل المسؤوليات القادمة. إن في هذه الآية إشارة صريحة إلى إحدى أهم الصفات التي يجب توفرها في أية قيادة، ألا وهي العفو واللين تجاه المتخلفين التائبين، والعصاة النادمين، والمتمردين العائدين، ومن البديهي أن الذي يتصدى للقيادة لو خلى عن هذه الخصلة الهامة، وافتقر إلى روح السماحة، وافتقد صفة اللين، وعامل من حوله بالخشونة والعنف والفظاظة فسرعان ما يواجه الهزيمة، وسرعان ما تصاب مشاريعه وبرامجه بنكسات ماحقة، تبدد جهوده، وتذري مساعيه أدراج الرياح، إذ يتفرق الناس من حوله، فلا يمكنه القيام بمهام القيادة ومسؤولياتها الجسيمة، ولهذا قال الإمام أميرالمؤمنين مشيراً إلى هذه الخصلة القيادية الحساسة "آلة الرياسة سعة الصدر". الأمر بالمشاورة: بعد إصدار الأمر بالعفو العام يأمر الله نبيه (ص) بأن يشاور المسلمين في الأمر ويقف على وجهات نظرهم، وذلك إحياءاً لشخصيتهم، ولِبث الروح الجديدة في كيانهم الفكري والروحي اللذين أصابهما الفتور بعد الذي حدث. على أن هذا الأمر للنبي بمشاورة المسلمين إنما هو لأجل أنه (صلى الله عليه وآله وسلم)- كما أسلفنا- قد استشار المسلمين قبل الدخول في معركة "أُحد" في كيفية مواجهة العدو واستقر رأي الأغلبية منهم على التعسكر عند جبل "أُحد" فكان ما كان من المكروه ووقع ما وقع من البلاء، وهنا كان كثيرون يتصورون بأن على النبي أن لا يشاور بعد ذلك أحداً، وأن عليه أن يتصرف كما يرى هو، ولكن القرآن الكريم جاء يرد على هذا التصور، ويجيب على هذا النوع من التفكير ويأمر النبي بأن يعيد المشاورة إذ يقول (وشاورهم في الأمر) لأن المشاورة وإن لم تنفع في بعض المواضع، فإنها نافعة على العموم، بل إن نتائجها المفيدة الكثيرة لو قيست إلى بعض النتائج السلبية وغير المفيدة تبدو أكثر اضعافاً كما وأن أثرها في صياغة الأفراد والجماعات وإنماء شخصيتهم من الأهمية بحيث يغطي على نقاط ضعفها، بل هو أبرز آثارها وأهم فوائدها الذي لا يمكن ولا يجوز التغاضي عنه. والآن نرى في أي المواضيع كان يشاور الرسول الأعظم (ص) أصحابه؟ صحيح أن كلمة "الأمر" في قوله تعالى (وشاورهم في الأمر) ذات مفهوم واسع يشمل جميع الأُمور، ولكن من المسلم أيضاً أن النبي (ص) لم يشاور الناس في الأحكام الإلهية مطلقاً، بل كان في هذا المجال يتبع الوحي فقط. وعلى هذا الأساس كانت المشاورة في كيفية تنفيذ التعاليم والأحكام الإلهية على أرض الواقع. وبعبارة أُخرى: إن النبي لم يشاور أحداً في التقنين، بل كان يشاور في كيفية التطبيق ويطلب وجهة نظر المسلمين في ذلك. ولهذا عندما كان يقترح النبي (ص) أمراً- أحياناً- بادره المسلمون بهذا السؤال: هل هذا حكم إلهي لا يجوز إبداء الرأي فيه، أو أنه يرتبط بكيفية التطبيق والتنفيذ؟ فإذا كان من النوع الثاني، أدلى الناس فيه بآرائهم، وأما إذا كان من النوع الأول لم يكن منهم تجاهه سوى التسليم والتفويض. ففي يوم بدر جاء النبي (ص) أدنى ماء من بدر فنزل عنده، فقال "الحباب ابنالمنذر": يا رسول الله أرأيت هذا المنزل، أمنزلاً أنزله الله ليس لنا أن نتقدمه ولا نتأخر عنه أم هو الرأي و الحرب والمكيدة؟ فقال: "بل هو الرأي والحرب والمكيدة" فقال: يا رسول الله ليس هذا بمنزل، فانهض بالناس حتّى نأتي أدنى ماء من القوم فننزله ثمّ نغور ما وراءه إلى آخر ما قال... فقال له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): "لقد أشرت بالرأي" وعمل برأيه(1). أهمية المشاورة في نظر الإسلام: لقد حظيت مسألة المشاورة بأهمية خاصة في نظر الإسلام، فالنبي (ص) رغم أنه كان يملك- بغض النظر عن الوحي الإلهي- قدرة فكرية كبيرة تؤهله لتسيير الأُمور وتصريفها دون حاجة إلى مشاورة أحد، إلاّ أنه (ص) كيما يُشعر المسلمين بأهمية المشاورة وفوائدها حتّى يتخذوها ركناً أساسياً في برامجهم وحتّى ينمي فيهم قواهم العقلية والفكرية نجده يشاور أصحابه في أُمور المسلمين العامة التي تتعلق بتنفيذ القوانين والأحكام الإلهية (لا أصل الأحكام والتشريعات التي مدارها الوحي) ويقيم لآراء مشيريه أهمية خاصة ويعطيها قيمتها اللائقة بها، حتّى أنه كان- أحياناً- ينصرف عن الأخذ برأي نفسه احتراماً لهم ولآرائهم كما فعل ذلك في "أُحد"، ويمكن القول بأن هذا الأمر بالذات كان أحد العوامل المؤثرة وراء نجاح الرسول الأكرم في تحقيق أهدافه الإسلامية العليا. والحقّ أن أية أُمة أقامت إدارة شؤونها على أساس من الشورى والمشاورة، قل خطأها، وندر عثارها، على العكس من الأفراد الذين يعانون من استبداد الرأي، ويرون أنفسهم في غنى عن نصح الناصحين ورأي الآخرين فإنهم إلى العثار أقرب، ومن الصواب والرشد أبعد، مهما تمتعوا بسديد الرأي، وقوي التفكير. هذا مضافاً إلى أن الاستبداد في الرأي يقضي على الشخصية في الجمهور، ويوقف حركة الفكر وتقدمه، ويميت المواهب المستعدة بل يأتي عليها، وبهذا الطريق تهدر أعظم طاقات الأمة الإنسانية. ومضافاً أيضاً إلى أن الذي يشاور الآخرين في أُموره وأعماله إذا حقق نجاحاً قل أن يتعرض لحسد الحاسدين، لأن الآخرين يرون أنفسهم شركاء في تحقيق ذلك الإنتصار والنجاح، وليس من المتعارف أن يحسد الإنسان نفسه على نجاح حققه، أو إنتصار أحرزه. وأما إذا أصابته نكسة لم تلمه ألسن الناس، ولم يتعرض لسهام نقدهم وإعتراضهم، لأن الإنسان لا يعترض على عمل نفسه، ولا ينقد فعل ذاته، بل سيشاطرونه الألم، ويتعاطفون معه، ويشاركونه في التبعات. كلّ ذلك لأنهم شاركوه في الرأي وشاطروه في التخطيط، ولم يكن متفرداً في العمل، ولا مستبداً في الرأي. ثمّ إن هناك فائده أُخرى للمشاورة وهي أن المشاورة خير محك لمعرفة الآخرين، والتعرف على ما يكنونه للمستشير من حب أو كراهية، وولاء أو عداء، ولا ريب في أن هذه المعرفة ممّا يمهد سبيل النجاح، ولعلّ استشارات النبي الأكرم- مع ما كان يتمتع به من قوة فكرية وعقلية جبارة- كانت لهذه الأسباب مجتمعة. لقد ورد حث شديد وتأكيد ليس فوقه تأكيد على سنة المشاورة، وفي الأحاديث والأخبار الإسلامية ففي حديث منقول عن النبي (ص) أنه قال: "ما شقى عبد قط بمشورة ولا سعد باستغناء رأي"(2). كما ونقرأ في كلمات الإمام علي (عليه السلام) قوله: "من استبد برأيه هلك، ومن شاور الرجال شاركها في عقولها"(3). ونقل عن النبي (ص) أيضاً أنه قال: "إذا كان اُمراؤكم خياركم، وأغنياؤكم سمحاؤكم وأمركم شورى بينكم فظهر الأرض خيرٌ لكم من بطنها، وإذا كان أمراؤكم شراركم، وأغنياؤكم بخلاؤكم، ولم يكن أمركم شورى بينكم فبطن الأرض خير لكم من ظهرها"(4). مع من تشاور؟ من المسلم أن للمشورة أهلاً، فلا يصح أن يستشار كلّ من هب ودب، فرب مشيرين يعانون من نقاط ضعف، توجب مشورتهم فساد الأمر، وضياع الجهود، وفشل العمل، والتأخر والسقوط. فعن علي (عليه السلام) أنه قال في هذا الصدد "لا تدخلن في مشورتك": 1- بخيلاً يعدل بك عن الفضل ويعدك بالفقر. 2- ولا جباناً يضعفك عن الأُمور. 3- ولا حريصاً يزين لك الشره بالجور(5). وظيفة المشير: كما تأكد الحث في الإسلام على المشاورة فقد أكدت النصوص على المشيرين أيضاً بأن لا يألوا جهداً في النصح، ولا يدخروا في هذا السبيل خيراً، وتعتبر خيانة المشير للمستشير من الذنوب الكبيرة، بل وتذهب أبعد من ذلك حيث لا تفرق في هذا الحكم بين المسلم والكافر، يعني أنه لا يحق لمن تكفل تقديم النصح والمشورة أن يخون من استشاره، فلا يدله على ما هو الصحيح في نظره، مسلماً كان ذلك المستشير أو كافراً. في رسالة الحقوق عن الإمام زين العابدين علي بن الحسين (عليهما السلام) أنه قال: "وحق المستشير إن علمت له رأياً أشرت عليه، وإن لم تعلم أرشدته إلى من يعلم، وحق المشير عليك أن لا تتهمه فيما لا يوافقك من رأيه"(6). شورى عمر بن الخطاب عندما بلغ جماعة من علماء أهل السنة ومفسريهم إلى هذه الآية (آية الشورى) أشاروا إلى شورى عمر السداسية لإختيار الخليفة الثالث، وحاولوا عبر بيان مفصل تطبيق مفاد هذه الآية وروايات المشاورة على تلك العملية والفكرة. والكلام المفصل حول هذه المسألة وإن كان من مهمة الكتب الإعتقادية، إلاّ أنه لابدّ من الإشارة هنا إلى بعض النقاط بصورة مختصرة وسريعة: أولاً: إن إنتخاب الخليفة للنبي (ص) يجب أن يكون فقط من جانب الله، لأن الخليفة يجب أن يتمتع على غرار النبي- بصفات ومؤهلات كالعصمة وما شاكل ذلك وهي أُمور لا يمكن الوقوف والإطلاع عليها إلاّ من قبل الله سبحانه. وبتعبير آخر: كما أن تعيين النبي لا يمكن أن يكون بالمشاورة والشورى فكذلك إنتخاب الإمام لا يمكن أن يكون بالشورى. ثانياً: إن الشورى السداسية المذكورة لم تنطبق بالمرة على معايير الشورى وموازين المشاورة، لأن الشورى التي ذهب إليها عمر إن كان المراد منها مشاورة المسلمين عامة، فماذا يعني تخصيصها بستة أنفار؟ وإن كان الهدف منها مشاورة العقلاء والمفكرين وأهل الرأي من الأُمة فهم لا ينحصرون في هؤلاء الستة، إذ هناك شخصيات ناضجة أمثال سلمان الذي كان مستشاراً شخصياً للنبي الأكرم (ص) ومثل أبي ذر والمقداد وابن عباس، وغيرهم ممن قد نحوا عن هذه الشورى. وعلى هذا الأساس فإن حصر هذه الشورى بالأنفار الستة المعينين يجعل هذا الإجتماع والشورى أقرب إلى التحزب السياسي منه إلى التجمع الشوروي. وأمّا إذا كان المراد من حصر المشيرين في هؤلاء الستة هو جعلها في أصحاب الكلمة والنفوذ حتّى تنفذ قراراتهم ولا يخالفها أحد من الأُمة، ولا يتمرد عليها أحد من الناس فإنه لم يكن موقفاً صائباً أيضاً، لأن ثمة شخصيات من أصحاب الكلمة والنفوذ أمثال سعد بن عبادة الذي كان يرأس في حينه الأنصار بدون منازع، وأبي ذر الغفاري أكبر شخصية مسموعة الكلمة في قبيلة "غفار"، قد أُقصيت من حلبة الشورى؟ ثالثاً: نحن نعلم أنه قد اشترط في هذه الشورى شروط صعبة وقاسية إلى درجة أنه هدد المخالفون والمعارضون بالموت، في حين لا يوجد لمثل هذه الشروط في سنة الشورى التي سنها الإسلام أي مكان، ولا أي أثر، فكيف تنطبق على هذه الشورى؟ مرحلة القرار الأخير! بقدر ما يجب على المستشير أن يتخذ جانب الرفق واللين في المشورة مع مستشاريه، يجب عليه أن يكون حاسماً وحازماً في إتخاذ القرار الأخير. وعلى هذا يجب التخلص من أي تردد، أو استماع إلى الآراء المتشتتة بعد استكمال مراحل المشاورة واتضاح نتيجتها، ويجب إتخاذ القرار الأخير بصرامة وحسم، وهذا هو ما يعبر عنه بالعزم في قوله سبحانه في هذا السياق إذ يقول: (وإذا عزمت فتوكل على الله). إن الجدير بالتأمل هو أن مسألة المشاورة ذكرت في الآية الحاضرة بصيغة الجمع "وشاورهم" ولكن إتخاذ القرار الأخير جعل من وظيفة الرسول الكريم خاصة إذا جاء بصيغة المفرد "عزمت". إن الإختلاف في التعبير إشارة إلى نكتة مهمة وهي أن تقليب وجوه الأمر، ودراسة القضية الإجتماعية من جميع جوانبها وأطرافها يجب أن تتم بصورة جماعية، وأما عندما يتم التصديق على شيء فإن إجراءه وإبرازه في صورة القرار القطعي يجب أن يوكل إلى إرادة واحدة، وإلاّ وقع الهرج والمرج، ودبت الفوضى في الأُمة لأن التنفيذ بوساطة قادة متعددين من دون الإنطلاق من قيادة واحدة متمركزة سيواجه الإختلاف، ويؤول إلى النكسة والهزيمة، ولهذا تتم المشاورات في عالمنا الراهن بصورة جماعية، ولكن إجراء نتائجها تناط إلى الدول والأجهزه التي تدار وتعمل تحت إشراف شخص واحد، وفرد معين لا متعددين. والموضوع المهم الآخر الذي تشير إليه الجملة السابقة (فإذا عزمت فتوكل على الله) هو أن إتخاذ القرار الأخير يجب أن يقترن بالتوكل على الله، بمعنى أن عليكم أن تستمدوا العون من الله القادر المطلق ولا تنسوه في الوقت الذي تهيئون فيه الأسباب العادية والوسائل المادية للأمر. على أن التوكل لا يعني بالمرة أن يتجاهل الإنسان الأسباب المادية والوسائل العادية للنصر والتي جعلها الله سبحانه في عالم المادة، ومكن الإنسان الأخذ بها، فقد روي في حديث أن النبي (ص) قال لأعرابي حضر عند النبي وقد ترك ناقته سادرة في الصحراء دون أن يعقلها حتّى لا تفر أو تضل، ظناً بأن هذا من التوكل على الله "أعقلها وتوكل". ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ﴾ ما مزيدة للتأكيد وتقديم الظرف للحصر ﴿وَلَوْ كُنتَ فَظًّا﴾ جافيا ﴿غَلِيظَ الْقَلْبِ﴾ قاسية ﴿لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ﴾ وتفرقوا عنك ﴿فَاعْفُ عَنْهُمْ﴾ فيما يختص بك ﴿وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ﴾ فيما لله ﴿وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ﴾ أمر الحرب ونحوه مما لم يوح إليك تطييبا لنفوسهم وتأسيسا لسنة المشاورة للأمة ﴿فَإِذَا عَزَمْتَ﴾ على شيء بعد الشورى ﴿فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ﴾ في إمضائه ﴿إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾.