لا يوجد اتصال بالانترنت !
ستتم اعادة المحاولة بعد 10 ثواني ...
جاري التحميل ...
غزوة حمراء الأسد: قلنا أن جيش أبي سفيان المنتصر أسرع بعد إنتصاره في معركة "أُحد" على الجيش الإِسلامي يغذ السير في طريق العودة إلى مكّة حتى إذا بلغ أرض "الروحاء" ندم على فعله، وعزم على العودة إلى المدينة للإِجهاز على ما تبقى من فلول المسلمين، واستئصال جذور الإِسلام حتى لا تبقى له ولهم باقية. ولما بلغ هذا الخبر إِلى النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أمر مقاتلي أُحد أن يستعدوا للخروج إلى معركة اُخرى مع المشركين، وخص بأمره هذا الجرحى والمصابين حيث أمرهم بأن ينضموا إلى الجيش. يقول رجل من أصحاب النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان قد شهد أُحداً: شهدت أُحداً وأخ لي فرجعنا جريحين، فلما أذن مؤذن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالخروج في طلب العدو قلنا: لا تفوتنا غزوة مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فوالله مالنا دابة نركبها وما منّا إِلا جريح ثقيل، فخرجنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكنت أيسر جرحاً من أخي، فكنت إِذا غلب حملته عقبة ومشى عقبة حتى انتهينا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إِلى "حمراء الأسد". فلما بلغ هذا الخبر أبا سفيان وأدرك صمود المسلمين، والذي تجلّى في اشتراك الجرحى والمصابين خاف وأُرعب، ولعله ظن أنه أدركت المسلمين قوّة جديدة من المقاتلين وأتاهم المدد. هذا وقد حدثت في هذا الموضع حادثة زادت من إضعاف معنوية المشركين، وألقت مزيداً من الوهن في عزائمهم، وهي أنه: مرّ برسول الله "معبد الخزاعي" وهو يومئذ مشرك، فلما شاهد النّبي وما عليه هو وأصحابه من الحالة تحركت عواطفه وجاشت، فقال للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : يا محمّد والله لقد عزّ علينا ما أصابك في قومك وأصحابك، ولوددنا أن الله كان أعفاك فيهم، ثمّ خرج من عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى لقى أبا سفيان ومن معه بالرّوحاء وقد أجمعوا الرّجعة إِلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فلمّا رأى أبو سفيان معبداً قال: ما وراك يا معبد؟ قال: محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) قد خرج في أصحابه يطلبكم في جمع لم أر قط مثله يتحرقون عليكم تحرقاً، وقد اجتمع عليه من كان تخلف عنه في يومكم، وندموا على صنيعهم، وفيه من الحنق عليكم ما لم أر مثله قط. قال أبو سفيان: ويلك ما تقول؟ قال معبد: "فأنا والله ما أراك ترتحل حتى ترى نواصي الخيل". قال أبو سفيان: فوالله لقد أجمعنا الكرّة عليهم لنستأصلهم. قال معبد: فأنا والله أنهاك عن ذلك. فثنى ذلك أبا سفيان ومن معه وقفل راجعاً ومنسحباً إِلى مكّة بسرعة، وحتى يتوقف المسلمون عن طلبه وملاحقته ويجد فرصة كافية للإِنسحاب قال لجماعة من بني عبد قيس كانوا يمرون من هناك قاصدين المدينة لشراء القمح: "اخبروا محمّداً إِنا قد أجمعنا الكرّة عليه وعلى أصحابه لنستأصل بقيتهم" ثمّ انصرف إِلى مكّة. ولما مرّت هذه الجماعة برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو بحمراء الأسد أخبره بقول أبي سفيان، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : "حسبنا الله ونعم الوكيل" وبقي هناك ينتظر المشركين ثلاثة أيّام، فلم ير لهم أثراً فانصرف إِلى المدينة بعد الثالثة. والآيات الحاضرة تشير إِلى هذه الحادثة وملابساتها(1) يقول سبحانه: (الَّذينَ استجابوا لله والرّسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم وأتقوا أجر عظيم). ويتبيّن من تخصيص جماعة معينة بالأجر العظيم في هذه الآية أنه كان هناك بينهم من لم يملك الإِخلاص الكامل، كما يمكن أن يكون التعبير بــ "منهم" إشارة إِلى أن بعض المقاتلين في أُحد امتنعوا ببعض الحجج عن تلبية نداء الرّسول والإِسهام في هذه الحركة. ﴿الَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِلّهِ وَالرَّسُولِ﴾ بالخروج إلى بدر الصغرى لغزوة أبي سفيان وقومه ﴿مِن بَعْدِ مَآ أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ﴾ بأحد ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَاتَّقَواْ أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ ومن للبيان إذ المستجيبون كلهم محسنون متقون لما رجع أبو سفيان وأصحابه فبلغوا الروحاء ندموا وهموا بالعود فبلغ ذلك النبي فندب أصحابه لطلبهم وقال لا يخرجن معنا إلا من حضر يومنا بالأمس فخرج في جماعة على ما بهم من القرح حتى بلغوا حمراء الأسد على ثمانية أميال من المدينة فألقى الله الرعب في قلوب المشركين فذهبوا.