الآية التالية تؤكد نفس هذا الموضوع تأكيداً مقروناً بالتهديد وتقول: ﴿مَنْ كَانَ عَدُوّاً للهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْريلَ وَميكَالَ فَإِنَّ اللهَ عَدُوٌ لِلْكَافِرينَ﴾مشيرة بذلك إلى أن موقف الإنسان من الله وملائكته ورسله ومن جبرئيل وميكائيل، لا يقبل التفكيك، وأن الموقف المعادي من أحدهم هو معاداة للآخرين.
وبعبارة اُخرى: الأوامر الإلهية الباعثة على تكامل الإنسان، تنزل عن طريق الملائكة على الرسل، وإن كان بين مهمات الملائكة اختلاف، فذلك يعود إلى تقسيم المسؤوليات لا إلى التناقض بين المهمات، واتخاذ موقف معاد من أحدهم هو عداء الله سبحانه.
جِبْرِيل وَمِيكَال
ورد اسم جبريل ثلاث مرات، واسم ميكال مرة واحدة في القرآن الكريم.
ويستفاد من الآيات أنّهما ملكان مقرّبان من ملائكة الله تعالى.
قيل: إنّ اسم جبرئيل عبري يعني «رجل الله» أو «قوة الله» (جبر: تعني الرجل أو القوّة، وئيل: بمعنى الله).
هذه الآيات الكريمة تعرّف جبريل أنه رسول الوحي الإلهي إلى النّبي، ومنزّل القرآن على قلبه، ولواسطة الوحي اسم آخر في الآية 102 من سورة النحل هو: ﴿رُوحُ الْقُدُسِ﴾ أمّا الآية 191 من سورة الشعراء فتسميه ﴿الرُّوحُ الأَمِينُ﴾، ويصرّح المفسرون أن المقصود من روح المقدس والروح الأمين، هو جبرئيل.
وهناك أحاديث تدور حول تشكل جبرائيل بصورمتعددة لدى نزوله على النّبي، وكان في المدينة ينزل على صورة (دحية الكلبي) وهو رجل جميل الطلعة.
يستفاد من سورة النجم أن النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) شاهد جبرائيل مرّتين على هيئته الأصلية.
ذكرت المصادر الإسلامية أسماء أربعة من الملائكة المقربين هم: جبرائيل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل، وأعظمهم مرتبة جبرائيل.
وفي كتب اليهود ورد ذكر جبريل وميكال، ومن ذلك ما ورد في كتاب دانيال حيث وصف جبرائيل بأنه الغالب لرئيس الشياطين، ووصف ميكائيل بأنه حامي قوم بني إسرائيل.
ذكر بعض المحققين أن المصادر اليهودية خالية من الدلالة على خصومة جبرائيل لهؤلاء القوم، وهذا يؤيد أن ادعاءات اليهود بشأن موقفهم من جبرائيل، لم يكن إلاّ ذريعة للتنصل من الإسلام إذ لا يوجد في مصادرهم الدينية ما يشير إلى وجود مثل هذه العداوة بينهم وبين جبرئيل.
﴿مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلّهِ﴾ مخالفا له ﴿وَمَلآئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ﴾ أفردا بالذكر لفضلهما كأنهما من جنس آخر ولأن النزاع كان فيهما ﴿فَإِنَّ اللّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ﴾ يفعل بهم ما يفعل العدو بالعدو وأقيم الظاهر مقام المضمر ليفيد أنه تعالى عاداهم لكفرهم وأن عداوة المذكورين كفر.