في الآية اللاحقة يبيّن سبب حرمانهم، ويوضح بذكر صفات أهل النّار أهل هذا المصير الأسود قد هيّأوه هم لأنفسهم، فيقول أوّلا: إنّ هؤلاء هم الذين اتخذوا دينهم لعباً (الذين اتخذوا دينهم لهواً ولعباً).
وهذا إلى جانب أنّهم خدعتهم الدنيا واغتروا بها (وغرتهم الحياة الدنيا).
إنّ هذه الأُمور سببت في أن يغرقوا في وحل الشهوات، وينسوا كل شيء حتى الآخرة، وينكروا أقوال الأنبياء، ويكذبوا بالآيات الإلهية، ولهذا أضاف قائلا: (فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا، وما كانوا بآياتنا يجحدون).
ومن البديهي أنّ المراد من "النسيان" الذي نُسِبَ هنا إلى الله هو بمعنى أنّنا نعاملهم معاملة الناسي تماماً، مثل أن يقول شخص لصديقه: (كما أنّك نسيتني فسوف أنساك أن أيضاً) أي أنني سوف أعاملك معاملة المتناسي لشيء.
كما أنّه يستفاد من هذه الآية أنّ أوّل مرحلة من مراحل الإنحراف والضلال، هو أن لا يأخذ الإنسان قضاياه المصيرية بمأخِذ الجدّ، بل يتعامل معها معاملة المتسلّي والهازل، فتؤدي به هذه الحالة إلى الكفر المطلق، وإنكار جميع الحقائق.
﴿الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا﴾ فحرموا وأحلوا ما شاءوا بشهواتهم ﴿وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ﴾ نتركهم في النار فعل الناسي ﴿كَمَا نَسُواْ لِقَاء يَوْمِهِمْ هَذَا﴾ فلم يعملوا ولم يتأهبوا له ﴿وَمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ﴾ وكما جحدوها.