ولكن هذه الجماعة الأنانية المستكبرة، وبخاصّة أغنياؤها المغرورون المعجبون بأنفسهم، والذين يعبّر عنهم القرآن بلفظة "الملأ" باعتبار أنّ ظاهرهم يملأ العيون، قالوا لهود نفس ما قاله قوم نوح لنوح (عليه السلام) (قال الملأ الذين كفروا من قومه إنّا لنراك في سفاهة وإنّا لنظنّك من الكاذبين).
"السفاهة" وخفة العقل كانت تعني في نظرهم أن ينهض أحد ضد تقاليد بيئته مهما كانت تلكم التقاليد خاوية باطلة، ويخاطر حتى بحياته في هذا السبيل.
لقد كانت السفاهة في نظرهم ومنطقهم هي أن لا يوافق المرء على تقاليد مجتمعه وسننه البالية، بل يثور على تلك السنن والتقاليد، ويستقبل برحابة صدر كل ما تخبئه له تلك الثورة والمجابهة.
﴿قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ﴾ منغمسا ﴿فِي سَفَاهَةٍ﴾ خفة عقل ﴿وِإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾.