وفي آخر آية - من الآيات المبحوثة - نقرأ آخر كلام لشعيب مع قومه بعد اعراضه عنهم حيث قال: لقد بلّغت رسالات ربّي، ونصحتكم بالمقدار الكافي، ولم آلُ جهداً في إرشادكم: (فتولى عنهم وقال ياقوم لقد أبلغتكم رسالات ربّي ونصحت لكم).
ثمّ قال (فكيف آسي على قوم كافرين) أي لست متأسّفاً على مصير الكافرين، لأنني قد بذلت كل ما في وسعي لهدايتهم وإرشادهم، ولكنّهم لم يخضعوا للحق ولم يسلّموا، فكان يجب أن ينتظروا هذا المصير المشؤوم.
أمّا أنّه هل قال شعيب هذا الكلام بعد هلاكهم، أم قبل ذلك؟
هناك احتمالان، فيمكن أن يكون قبل هلاكهم، ولكن عند شرح القصة جاء ذكره بعد ذلك.
ولكن مع الإلتفات إلى آخر عبارة، والتي يقول فيها: إنّ مصير هؤلاء الكافرين المؤلم لا يدعو إلى الأسف أبداً، يترجح للنظر أنّ هذه الجملة قيلت بعد نزول العذاب، وأنّ هذه التعابير - كما أشرنا في ذيل الآية (79) من هذه السورة قيلت وتقال للأموات كثيراً (وقدأشرنا إلى شواهد ذلك).
﴿فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ﴾ فلم تصدقوني ﴿فَكَيْفَ آسَى﴾ أحزن ﴿عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ﴾ وضع موضع عليكم للتعليل والاستفهام لمعنى النفي.