وفي الآية اللاحقة يقول القرآن الكريم - بهدف إيقاظ عقول الشعوب الغافية وإلفات نظرهم إلى العبر التي كانت في حياة الماضيين: ألا يتنبه الذين ورثوا السيادة على الأرض - من الأقوام الماضية - إلى ما في حياة الماضيين وقصصهم من عبر، فلو أنّنا أردنا أن نهلكهم بذنوبهم لفعلنا (أو لم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم).
ويمكننا أيضاً أن نتركهم أحياء ونسلب منهم الشعور وحس التشخيص والتمييز بالمرّة بسبب توغّلهم في الذنوب، بحيث لا يسمعون معها حقيقة، ولا يقبلون نصيحة، ويعيشون بقية حياتهم حيرى (ونطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون).
أمّا كيف يسلب الله تعالى من هذا الفريق من المجرمين حس التمييز والتشخيص، فيمكنك الوقوف على مزيد التوضيح في هذا المجال في تفسير الآية (رقم 7) من سورة البقرة.
﴿أَوَلَمْ يَهْدِ﴾ بين ﴿لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأَرْضَ مِن بَعْدِ أَهْلِهَا﴾ أي يخلفونهم في ديارهم بعد هلاكهم ﴿أَن لَّوْ نَشَاء أَصَبْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ﴾ أي بجزائهم كما أصبنا من قبلهم ﴿وَنَطْبَعُ﴾ ونحن نختم ﴿عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ وإسناده إليه تعالى كناية من تمكن الكفر في قلوبهم أو إسناد إلى السبب أو مجاز عن ترك قسرهم على الإيمان ﴿فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ﴾ الوعظ سماع قبول.