فوعدهم فرعون - فوراً - وعداً جيداً وقال: إنّكم لن تحصلوا على الأجر السخي فقط، بل ستكونون من المقرّبين عندي (قال نعم وإنّكم من المقرّبين).
وبهذه الطريقة أعطاهم وعداً بالمال ووعداً بمنصب كبير لديه، ويستفاد من هذه الآية أنّ التقرب إلى فرعون في ذلك المحيط، وتلك البيئة كان أعلى وأسمى وأهم من المال والثروة، لأنّه كان يعني منزلة معنوية كان من الممكن أن تصبح منشأ لأموال كثيرة وثروات كبيرة.
وفي المآل حُدِّدَ موعدٌ معين لمواجهة السحرة لموسى، وكما جاء في سورة "طه" و"الشعراء" دُعي جميع الناس لمشاهدة هذا النزال، وهذا يدل على أنّ فرعون كان مؤمناً بانتصاره على موسى (عليه السلام).
وحلّ اليوم الموعود، وهيّأ السحرة كل مقدمات العمل... حفنة من العصىّ والحبال التي يبدو أنّها كانت معبئة بمواد كيمياوية خاصّة، تبعث على حركتها إذا سطعت عليها الشمس، لأنّها تتحول إلى غازات خفيفة تحرّك تلك العصي والحبال المجوفة.
وكانت واقعة عجيبة، فموسى وحده (ليس معه إلاّ أخوه) يواجه تلك المجموعة الهائلة من السحرة، وذلك الحشد الهائل من الناس المتفرجين الذين كانوا على الأغلب من أنصار السحرة ومؤيديهم.
فالتفت السحرة في غرور خاص وكبير إلى موسى (عليه السلام) وقالوا: إمّا أن تشرع فتلقي عصاك، وإمّا أن نشرع نحن فنلقي عصيّنا؟
﴿قَالَ نَعَمْ وَإَنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ﴾ أنعم عليهم بالأجر وزاد عليه.