بيد أنّه برجوع موسى (عليه السلام) إليهم، واتضاح الأمر عرف بنو إسرائيل خطأهم، وندموا على فعلهم، وطلبوا من الله أن يغفر لهم، وقالوا: إذا لم يرحمنا الله ولم يغفر لنا فإنّنا لا شك خاسرون (ولما سقط في أيديهم ورأوا أنّه قد ضلّوا قالوا لئن لم يرحمنا ربُّنا ويغفر لنا لنكوننّ من الخاسرين).
وجملة (سقط في أيديهم) أي عندما عثروا على الحقيقة، أو عندما وقعت نتيجة عملهم المشؤومة بأيديهم، أو عندما سقطت كل الحيل من أيديهم ولم يبق بأيديهم شيء في الأدب العربي كناية عن الندامة، لأنّه عندما يقف الإِنسان على الحقائق، ويطلع عليها، أو يصل إلى نتائج غير مرغوب فيها، أو تغلق في وجهه أبواب الحيلة، فإنّه يندم بطبيعة الحال، ولهذا يكون الندم من لوازم مفهوم هذه الجملة.
وعلى كل حال، فقد ندم بنو إسرائيل من عملهم، ولكن الأمر لم ينته إلى هذا الحدّ، كما نقرأ في الآيات اللاحقة.
﴿ وَلَمَّا سُقِطَ فَي أَيْدِيهِمْ﴾ ندموا إذ النادم يعض يده فيصير مسقوطا فيها ﴿وَرَأَوْاْ﴾ علموا ﴿أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّواْ﴾ بعبادة العجل ﴿قَالُواْ لَئِن لَّمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا﴾ بقبول التوبة ﴿وَيَغْفِرْ لَنَا﴾ ذنبنا ﴿لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾.