وبعد أن تكلمت الآية السابقة على ثلاث نتائج مشؤومة لإِنفاق أعداء الإِسلام، فإنّ الآية التي تليها تقول: (ليميز الله الخبيث من الطيّب).
هذه سنة إلّهية دائمة أن يُعرف المخلص من غير المخلص، والطاهر من غير الطاهر، والمجاهد الصادق من الكاذب، والأعمال الطيبة من الأعمال الخبيثة، فلا يبقى أي من ذلك مجهولا أبداً، بل لابدّ في النهاية من أن تمتاز الصفوف بعضها عن بعض ويسفر الحق عن وجهه.
وهذا الأمر يتحقق - طبعاً - عندما يكون أتباع الحق - كأُولئك المسلمين الأوائل يوم بدر - في مستوى كاف من التضحية والوعي.
ثمّ تضيف الآية (ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعاً فيجعله في جهنم).
فالخبيث من أية طائفة وفي أي شكل كان سيؤول في النهاية إِلى الخسران، كما تقول الآية في نهاية المطاف (أُولئك هم الخاسرون).
﴿لِيَمِيزَ﴾ بالتخفيف والتشديد ﴿اللّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ﴾ الكافر من المؤمن ﴿وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىَ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً﴾ يجمعه حتى يتراكب بعضه على بعض لازدحامهم أو يضم ما أنفقوه إليهم ليعذبوا به كالكافرين ﴿فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُوْلَئِكَ﴾ المنفقون ﴿هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾ أنفسهم إذا اشتروا العذاب لها بأموالهم فخسروا الدنيا والآخرة.