3 - كما أنّ من أهم أسس المبارزة والمواجهة هو الإِلتفات للقيادة وإطاعة أوامر القائد والآمر، الآمر الذي لولاه لما تحقق النصر في معركة بدر، لذلك فإنّ الآية بعدها تقول: (وأطيعوا الله ورسوله).
4 - (ولا تنازعوا فتفشلوا) لأنّ النزاع والفرقة امام الأعداء يؤدي إِلى الضعف وخور العزيمة، ونتيجة هذا الضعف والفتور هي ذهاب هيبة المسلمين وقوتهم وعظمتهم (وتذهب ريحكم).
"والريح" في اللغة، هي الهواء.
فالنزاع يولد الضعف والوهن.
وأمّا ذَهاب الريح، فهو إشارة لطيفة إِلى زوال القوّة والعظمة، وعدم سير الأُمور كما يرام، وعدم تحقق المقصود، لأنّ حركة الريح فيما يرام توصل السفن إِلى مقاصدها، ولما كانت الريح في ذلك العصر أهم قوّة لتحريك السفن فقد كانت ذات أهمية قصوى يؤمئذ.
وحركة الرّيح في الرّايات والبيارق تدل على إرتفاع الرّاية التي هي رمز القدرة والحكومة، والتعبير آنف الذكر كناية لطيفة عن هذا المعنى.
5 - ثمّ تأمر الآية بالإِستقامة بوجه العدوّ، وفي قبال الحوادث الصعبة، فتقول: (واصبروا إنّ الله مع الصابرين).
والفرق بين ثبات القدم في الأمر الأوّل، والإِستقامة والصبر في الأمر الخامس، هو من جهة أن ثبات القدم يمثل الناحية الظاهرية، "الجسمية" أمّا الإِستقامة والصبر فليسا ظاهريين، بل هما أمران نفسيان ومعنويان.
﴿وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ﴾ باختلاف كلمتكم ﴿فَتَفْشَلُواْ﴾ فتجبنوا جواب النهي ﴿وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾ دولتكم، استعير لها الريح لمشابهتها لها في نفاذ الأمر ﴿وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ بالنصر والحفظ.