ثمّ يأمر النّبي(ص) أن يقول لهم أنني لا اريد منكم في مقابل هذا القرآن وابلاغكم رسالة السماء أي أجر وعوض: (قل ما أسألكم عليه من أجر) ثمّ يضيف: إن الأجر الوحيد الذي أطلبه أن يهتدي الناس إلى طريق الله (إلاّ من شاء أن يتخذ إلى ربّه سبيلا).
يعني أجري وجزائي هو هدايتكم فقط، وبكامل الإرادة والإختيار أيضاً، فلا إكراه ولا إجبار فيه، وكم هو جميل هذا التعبير الكاشف عن غاية لطف ومحبة النّبي(ص) لأتباعه، ذلك لأنّه عدَّ(2) أجره وجزاءَه سعادتهم.
بديهي أنّ للنّبي(ص) أجراً معنوياً عظيماً على هداية الأمة، ذلك لأن "الدال على الخير كفاعله".
و ذكر المفسّرون احتمالات أُخرى أيضاً في تفسير هذه الآية من جملتها:
يرى جماعة من المفسّرين أنّ معنى هذه الآية هكذا "أنا لا أريد منكم أي جزاء إلاّ ما أردتم من إنفاق الأموال على المحتاجين في سبيل الله، وذلك مرتبط برغبتكم".(3)
لكنّ التّفسير الأ.ّل .قرب إلى معنى الآية.
اتّضح ممّا قلناه أعلاه، أنّ الضمير في "عليه" يرجع إلى القرآن وتبليغ دين الإِسلام، لأن الكلام كان في عدم المطالبة بالأجر والجزاء في مقابل هذه الدعوة.
هذه الجملة بالإِضافة إلى أنّها تقطع حجج المشركين، فهي توضح أن قبول هذه الدعوة الإِلهية سهل ويسير جدّاً لكل أحد، بلا مشقّة ولا خسارة.
وهذا بنفسه شاهد على صدق دعوة النّبي(ص) ، ونقاء فكره ومنهجه، وذلك لأنّ الأدعياء الكاذبين لابدّ أن يُدخلوا في هذا العمل رغبتهم في الأجر والجزاء بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
﴿قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ﴾ على تبليغ ما أرسلت به ﴿مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَن شَاء﴾ إلا فعل من شاء ﴿أَن يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ﴾ إلى ثوابه ﴿سَبِيلًا﴾ بالتقرب إليه بالإيمان والطاعة أو منقطع أي ولكن من شاء فليفعل.