وتأتي الآية التالية لتقول مؤكّدةً بصراحة: (إنّ في ذلك لآية).
أجل إن الإلتفات إلى هذه الحقيقة، وهي أن هذا التراب الذي لا قيمة له ظاهراً، بما فيه من تركيب معين هو مبدأ ظهور أنواع الأزهار الجميلة، والأشجار المثمرة الظليلة، والفواكه ذات الألوان الزاهية، وما فيها من خواص مختلفة. وهو - أي التراب - يبيّن منتهى قدرة الله، إلاّ أن أُولئك الذين طُبع على قلوبهم في غفلة وجهل إلى درجة يرون معها آيات الله بأعينهم، ومع ذلك يجحدونها ويكفرون بها، ويترسخ في قلوبهم العناد والجدل!
لذلك فإنّ الآية هذه تعقّبُ قائلة: (وما كان أكثرهم مؤمنين).
أي إنّ عدم الإيمان لدى أُولئك أمسى كالصفة الراسخة فيهم، فلا عجب أن لا ينتفعوا من هذه الآيات، لأنّ قابليّة المحل من شرائط التأثير الأصيلة أيضاً كما نقرأ قوله تعالى: (هُدى للمتقين).(3)
﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ﴾ الآيات أو كل واحد من الأزواج ﴿لَآيَةً﴾ على قدرة منبتها على إحياء الموتى ﴿وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ﴾ لأنهم مطبوع على قلوبهم.