لا يوجد اتصال بالانترنت !
ستتم اعادة المحاولة بعد 10 ثواني ...
جاري التحميل ...
وأمّا الآية الثّالثة - من الآيات محل البحث - فتقول: إنّ الله أنعم على المؤمنين والمهاجرن والمجاهدين في سبيله ثلاثَ مواهب هي: 1 - (يبشّرهم ربّهم برحمة منه). 2 - (ورضوان). 3 - (وجنات فيها لهم نعيم مقيم). وتعقب الآية الأخيرة لمزيد التوكيد بالقول (خالدين فيها أبداً إنّ الله عند أجر عظيم). ملاحظتان 1 - تحريف التاريخ كما قرأنا آنفاً في شأن نزول الآيات محل البحث، وطبقاً لرواية وردت في كثير من كتب الآيات أهل السنة الشهيرة، أنّها نزلت في علي (عليه السلام) وبيان فضائله، على أنّ مفهوم الآيات عام واسع "وقد قلنا مراراً بأن أسباب النّزول لا تحدّد مفاهيم الآي". إلاّ أنّ بعض مفسّري أهل السنة لم يرغب في أن تثبت للإِمام علي (عليه السلام) فضائل بارزة مع اعتقادهم بأنّه رابع خلفاء المسلمين! وكأنّهم خافوا إن أذعنوا لما يجدونه عند علي (عليه السلام) من الفضائل أن يقف الشيعة أمامهم متسائلين: لم قدّمتم على علي غيره؟ فلذلك أغمضوا النظر عن كثير من مناقبه وفضائله، وسعوا جاهدين لأن يقدحوا في سند الرواية التي تذكر فضل علي (عليه السلام) على غيره أو في دلالتها. ويا للأسف ما زال هذا التعصب المقيت ممتداً إِلى عصرنا الحاضر، حتى أنّ بعض علمائهم المثقفين لم يسلموا من هذا الداء الوبيل والتعصب دون دليل! ولا أنسى المحاورة التي جرت بيني وبين بعض علماء أهل اسنة، إذ أظهر كلاماً عجيباً عند ذكرنا لمثل هذه الأحاديث، فقال: في عقيدتي أنّ الشيعة يستطيعون أن يثبتوا جميع معتقدات مذهبهم "أصولها وفروعها" من مصادرنا وكتبنا، لأنّ في كتبنا أحاديث كافية لصالح آراء الشيعة وصحة مذهبهم. إلاّ أنّه من أجل أن يريح نفسه من جميع هذه الكتب، قال: أعتقد أن أسلافنا كانوا حسني الظن، وقد أوردوا كل ما سمعوه في كتبهم، فليس لنا أن نأخذ كل ما أوردوه ببساطة!! "طبعاً كان حديثه يشمل الكتب الصحاح والمسانيد المعتبرة وما هو عندهم في المرتبة الأُولى". فقلت له: ليس هذا هو الأُسلوب في التحقيق، حيث يعتقد إنسان ما بمذهب معين، لأنّ آباءه كانوا عليه وورثه عن سلفه، فما وجده من حديث ينسجم ومذهبه قال: إنّه صحيح، وما لم ينسجم حكم عليه بعدم الصحة، لأنّ السلف الصالح كان حسن الظن، حتى لو كان الحديث معتبراً. فما أحسن أن نختار أُسلوباً آخر للتحقيق بدل ذلك، وهو أن نتجرّد من عقيدتنا الموروثة ثمّ ننتخب الأحاديث الصحيحة دون تعصب. ونسأل الآن: لماذا سكتوا عن الأحاديث الشهيرة التي تذكر فضل علي وعلو مقامه، بل نسوها وربّما طعنوا فيها، فكأن مثل هذه الأحاديث لا وجود لها أصلا؟ ومع الإِلتفات إِلى ما ذكرناه آنفاً، ننقل كلاماً لصاحب تفسير "المنار" المعروف، إذ أهمل شأن نزول الآيات محل البحث المذكور آنفاً، ونقل رواية لا تنطبق ومحتوى الآيات أصلا، وينبغي أن نعدّها حديثاً مخالفاً للقرآن، فقال عنها: إنّها معتبرة! وهي ما نُقَل عن النعمان بن بشير إذ يقول: كنت جالساً في عدة من أصحاب النّبي إلى جوار منبره، فقال بعضهم: لا أرى عملاً بعد الإِسلام أفضل من سقاية الحاج وإروائهم، وقال الآخر: إن عمارة المسجد الحرام أفضل من كل عمل، فقال الثالث، في سبيل الله أفضل ممّا قلتما. فنهاهم عمر عن الكلام وقال: لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله - وكان ذلك اليوم يوم الجمعة - ولكنّي سأسأل رسول الله بعد الفراغ من الصلاة - صلاة الجمعة - في ما اختلفتم فيه. وبعد أن أتمّ صلاته جاء إِلى رسول الله فسأله عن ذلك، فنزلت الآيات محل البحث (4). إلاّ أنّ هذه الرّواية لا تنسجم والآيات محل البحث من عدّة جهات، ونحن نعرف أن كلّ رواية مخالفة للقرآن ينبغي أن تطرح جانباً ويُعرضَ عنها; لأنّه: أوّلا: لم يكن في الآيات محل البحث قياس ما بين الجهاد وسقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام، بل القياس ما بين سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام من جهة، والإِيمان بالله واليوم الآخر والجهاد من جهة أُخرى، وهذا يدل على أن من كان يقوم بمثل السقاية والعمارة في زمان الجاهلية كان يقيس عمله بالإِيمان والجهاد. فالقرآن يصرّح بأنّ سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام لا يستويان - كل منهما - مع الإِيمان بالله والجهاد في سبيله وليس القياس بين الجهاد وعمران المسجد وسقايه الحاج (لاحظ بدقة). ثانياً: إنّ جملة (والله لا يهدي القوم الظالمين) تدل على أن أعمال الطائفة الأُولى كانت معروفة بالظلم، وإنما يفهم ذلك فيما لو كانت هذه الأعمال صادرة في حال الشرك، لإنّ القرآن يقول (إن الشرك لظلم عظيم) (5). ولو كان القياس بين الإِيمان وسقاية الحاج المقرونة بالإِيمان والجهاد، لكانت جملة (والله لا يهدي القوم الظالمين) لغواً - والعياذ بالله - لأنّها حينئذ لا مفهوم لها هنا. ثالثاً: إنّ الآية الثّانية - محل البحث - التي تقول (الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة) مفهومها أن أُولئك أفضل وأعظم درجة ممن لم يؤمنوا ولم يهاجروا ولم يجاهدوا في سبيل الله، وهذا المعنى لا ينسجم وكلام النعمان - آنف الذكر - لأنّ المتكلمين وفقاً لحديثه كلهم مؤمنون ولعلهم أسهموا في الهجرة والجهاد. رابعاً: كان الكلام في الآيات المتقدمة عن إقدام المشركين على عمارة المساجد وعدم جواز ذلك: (ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله) والآيات محل البحث تعقب على الموضوع ذاته، ويدل هذا الأمر على أن موضوع الآيات هو عمارة المسجد الحرام وسقاية الحاج حال الشرك، وهذا لا ينسجم ورواية النعمان. والشيء الوحيد الذي يمكن أن يُستدلَ عليههو التعبير بـ (أعظم درجة) حيث يدل على أن الطرفين المقيسين كل منهما حسن بنفسه، وإن كان أحدهما أعظم من الآخر. إلاّ أنّ الجواب على ذلك واضح، لأنّ أفعل التفضيل غالباً تستعمل في الموازنة بين أمرين، أحدهما واجد للفضيلة والآخر غير واجد، كأن يقال مثلا: الوصول متأخراً خير من عدم الوصول، فمفهوم هذا الكلام لا يعني أن عدم الوصول شيء حسن، لكن الوصول بتأخير أحسن. أو أننا نقرأ في القرآن (والصلح خير) أي من الحرب سورة النساء الآية 28 فهذا لا يعني أنّ الحرب شيء حسن. أو نقرأ مثلاً (ولعبد مؤمن خير من مشرك) سورة البقرة الآية 221 ترى هل المشرك حسن وفيه خير؟! أو نقرأ في سورة التوبة ذاتها (الآية 108) (لمسجد أسس على التقوى من يوم أحق أن تقوم فيه) أي أحق من مسجد ضرار الذي بناه المنافقون للعبادة، مع أننا نعرف أن العبادة في مسجد ضرار ليست بحق أبداً، فنظير هذه التعابير في القرآن واللغة العربية، بل في سائر اللغات كثير. من مجموع ما ذكرناه نستنتج أن رواية النعمان بن بشير لأنّها مخالفة لمحتوى القرآن ينبغي أن تطرح وتنبذ جانباً، وأن نأخذ بما يسنجم وظاهر الآي، وهو ما قدمناه بين يدي تفسير هذه الآيات، على أنّه سبب لنزولها، وأنّه لفضيلة كبرى لإِمام الإسلام العظيم علي (عليه السلام). نسأل الله أن يثبت أقدامنا على متابعة الحق وأهله من الأئمّة الصالحين، وأن يجنبنا التعصب، ويفتح أبصارنا وأسماعنا وأفكارنا لقبول الحق. 2 - ما هو مقام الرضوان يستفاد من الآيات - محل البحث - أنّ مقام الرضوان الذي هو من أعظم المواهب التي يهبها الله المؤمنين والمجاهدين في سبيله، هو شيءٌ غير الجنات والنعيم المقيم وغير رحمته الواسعة. وسنتناول بيان هذا الموضوع ذيل الآية (72) من هذه السورة، في تفسير جملة (ورضوان من الله أكبر) إن شاء الله. الآيتان 23 - 24 ﴿يَـأَيُهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا ءَابَآءَكُمْ وَإِخْوَنَكُمْ أَوْلِيَآءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الاِْيمَـنِ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأَوْلَـئِكَ هُمُ الظَـلِمُونَ23 قُلْ إِن كَانَ ءَابَآؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَنُكُمْ وَأَزْوَجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَلٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَـرَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَـكِنُ تَرْضَوْنَهَآ أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَاد فِى سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِىَ اللهُ بِأَمْرِهِ وَاللهُ لاَ يَهْدِى الْقَوْمَ الْفَـسِقِينَ24﴾ التّفسير كلّ شيء فَداءٌ للهدف: إنّ آخر وسوسة أو ذريعة يمكن أن يتذرع بها جماعة من المسلمين للامتناع عن جهاد المشركين (وفعلا فقد تذرع بعضهم وفقاً لما ورد في قسم من التفاسير) بأن من بين المشركين وعبدة الأوثان أقارب لهم، فقد يُسلم الأب ويبقى ولده في الشرك على حاله، وقد يقع العكس إذ يخطو الابن نحو توحيد الله ويبقى أبوه مشركاً، وهذه الحالة ربّما كانت موجودة بين الأخ وأحيه، والزوج وزوجه، والفرد وعشيرته أو قبيلته، وهكذا. فإذا كان القرار أن يجاهد الجميع المشركين فلابدّ أن يغمضوا أعينهم عن أرحامهم وأقاربهم وعشيرتهم الخ. هذا كلّه من جهة. ثمّ ومن جهة أُخرى كانت رؤوس الأموال والقدرة التجارية بيد المشركين تقريباً، ولهذا يسبب تردد المشركين إِلى مكّة ازدهار التجارة. ومن جهة ثالثة كان للمسلمين في مكّة بيوت عامرّة نسبياً، فإذا قاتلوا المشركين فمن المحتمل أن يهدمها المشركون، أو تفقد قيمتها إذا عطل المشركون مراسم الحاج ومناسكه بمكّة. فالآيتان - محل البحث - ناظرتان إِلى مثل هؤلاء الأشخاص، وتردّان عليهم ببيان صريح، فتقول الآية الأُولى منهما: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء ان استحبوا الكفر على الإِيمان). ثمّ تعقب - على وجه التأكيد - مضيفةً: (ومن يتولهم منكم فأُولئك هم الظالمون). وأي ظلم أسوأ من أن يظلم الإِنسان نفسه بتعلقه بأعداء الحق والمشركين، ويظلم مجتمعه، ويظلم نبيّه أيضاً؟! أمّا الآية التالية فهي تتناول هذا الموضوع بنحو من التفصيل والتأكيد والتهديد والتقريع، فتخاطب النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ليعنف أُولئك الذين لا يرغبون في جهاد المشركين لما ذكرناه آنفاً، فتقول (قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره). ولما كان ترجيح مثل هذه الأُمور على رضا الله والجهاد في سبيله، يعدّ نوعاً من العصيان والفسق البيّن، وإن من تشبث قلبه بالدنيا وزخرفها وزبرجها غير جدير بهداية الله، فإنّ الآية تعقب في الختام قائلةً (والله لا يهدي القوم الفاسقين). وقد جاء في تفسير علي بن إبراهيم القمي في شأن الآيتين مايلي: "لما أذّن أمير المؤمنين أن لا يدخل المسجد الحرام مشرك بعد ذلك، جزعت قريش جزعاً شديداً، وقالوا: ذهبت تجارتنا وضاعت علينا وخربت دورنا، فأنزل الله في ذلك قل (يا محمّد) الخ... والآيتان - محل البحث - ترسمان خطوط الإِيمان الأصيل وتميزانها عن الإِيمان المبطن بالشرك والنفاق. كما أنّهما تضعان حداً فاصلا بين المؤمنين الواقعيين وبين ضعاف الإِيمان، وتقول إحداهما بصراحة: إن كانت هذه الأُمور الثمانية "في الحياة المادية" التي يتعلق أربعة منها بالأرحام والأقارب (آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم). ويتعلق قسم منها بالمجتمع و"العشيرة". والقسم السّادس يرتبط بالمال. والسابع بالتجارة والإِكتساب. وأمّا الثامن - وهو الأخير - فيتعلق بالمساكن ذات الأناقة "ومساكن ترضونها". فإذا كانت هذه الأُمور الثمانية - المذكورة آنفاً - أغلى وأعزّ وأحب عند الإِنسان من الله ورسوله، والجهاد في سبيله وامتثال أوامره، حتى أن الإِنسان لا يكون مستعداً بالتضحية بتلك الأُمور الثمانية من أجل الله والرّسول والجهاد، فيتّضح أن إيمانه الواقعي لم يكمل بعدُ! فحقيقة الإِيمان وروحه وجوهره، كل ذلك يتجلّى بالتضحية بمثل هذه الأُمور من دون تردد. أضف إِلى ذلك، فإن من لم يكن مستعداً للتضيحة بمثل تلك الأُمور، فقد ظلم نفسه ومجتمعه في الواقع، كما أنّه سيقع في ما كان يخاف من الوقوع فيه لأنّ الأُمّة التي تتلكأ في اللحظات الحساسة من تأريخها المصيري، وفي المآزق الحاسمة، فلا يضحي أبناؤها بمثل ذلك، فستواجه الهزيمة عاجلا أو آجلا، وسيتعرض كلّ ما تعلقت القلوب به فلم تجاهد من أجله الى خطر الضياع والتلف بيد الأعداء. ملاحظات 1 - ما قرأناه في الآيتين - محل البحث - ليس مفهومه قطع علائق المحبة بالأرحام، وإهمال رؤوس الأموال الإِقتصادية، والإِنسياق إِلى تجاوز العواطف الإِنسانية وإلغائها، بل المراد من ذلك أنّه ينبغي أن لا ننحرف عند مفترق الطرق إِلى الأموال والأزواج والأولاد والدور والمقام الدنيوي، بحيث لا نطبّق في تلك الحالة حكم الله، أو لا نرغب في الجهاد، ويحول عشقنا المادي دون تحقيق الهدف المقدس. لهذا يلزم على الإِنسان إذا لم يكن على مفترق الطرق أن يرعى الجانبين "العلاقة بالله والعلاقة بالرحم". فنحن نقرأ في الآية (15) من سورة لقمان، قوله تعالى في شأن الأبوين المشركين (وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً). 2 - إنّ أحد تفاسير جملة (فتربصوا حتى يأتي الله بأمره) ما أشرنا إليه آنفاً، وهو التهديد من قبل الله لأُولئك الذين يقدّمون منافعهم المادية ويفضلونها على رضا الله، ولما كان هذا التهديد مجملا كان أثره أشدَّ وحشة وإشفاقاً، وهذا التعبير يشبه قول من يكلم صاحبه الذي دونه وتحت أمره، فيقول له: إذا لم تفعل ما أمرتك، فسأقوم بما ينبغي أيضاً. وهناك إحتمال آخر لتفسير الجملة - محل البحث - وهو أنّ الله سبحانه يقول: إذا لم تكونوا مستعدين للتضيحة، فإنّ الله يفتح لنبيّه عن طريق آخر. وكيف شاء، إذ ليس ذلك بعسير عليه. ونظير هذا المعنى ما جاء في الآية (54) من سورة المائدة، إذ نقرأ فيها (يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبّونه). الماضي والحاضر مرهونان بهذا الأمر: 1 - قد يتصور بعضهم بأنّ ما جاء في الآيتين يخص صدر الإِسلام والتاريخ الماضي، إلاّ أنّ ذلك خطأ كبير، فالآيتان تستوعبان حاضر المسلمين ومستقبلهم أيضاً. فإذا قُدّر للمسلمين أن لا يضحوا بأموالهم وأنفسهم وأولادهم ودورهم الخ... في سبيل الله، ولا يكون لهم إيمان متين، ويفضلون الأمور المادية على ر ضا الله، وتبقى قلوبهم متعلقة بالمال والأولاد وزبارج الدنيا، فيكون مستقبلهم مظلماً، لا مستقبلهم فحسب، بل حتى يومهم هذا، ففي مثل هذا الحال سيحدق بهم الخطر وسيفقدون موروثهم الحضاري، وتكون مصادر حياتهم بأيدي الاجانب ويفقدون معنى الحياة، لأن الحياة هي حياة الإِيمان والجهاد في ظل الإِيمان. فعلينا أن نغرس مدلول هاتين الآيتين في قلوب اطفال المسلمين وشبابهم ونجعله شعاراً لنا، ونحيي في نفوس المسلمين روح التضحية والجهاد، ليحافظوا على ثقافتهم وموروثهم المعرفي. ﴿خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾ زمانا لا نهاية له ﴿إِنَّ اللّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾.