لا يوجد اتصال بالانترنت !
ستتم اعادة المحاولة بعد 10 ثواني ...
جاري التحميل ...
التّفسير موارد صرف الزكاة ودقائقها: في تاريخ صدر الإِسلام مرحلتان يمكن ملاحظتهما بوضوح، إحداهما في مكّة، حيث كان هدف النّبي (ص) والمسلمين فيها تعليم الأفراد وتربيتهم ونشر التعاليم الإِسلامية. والثّانية في المدينة، حيث أقدم النّبي (ص) على تشكيل حكومة إِسلاميّة أجرى من خلالها الأحكام والتعاليم الإِسلامية. وممّا لا شك فيه أنّ أوّل وأهم مسألة واجهت تشكيل الحكومة هي إيجاد بيت المال، إِذ عن طريقه تُؤمَّن حاجات الدولة الإِقتصادية، وهي حاجات طبيعية توجد في كل دولة بدون استثناء، ومن هنا كان إِيجاد بيت المال من أوائل أعمال النّبي (ص) في المدينة، وتشكل الزكاة أحد موارده، وعلى المشهور فإنّ هذا الحكم شُرّع في السنة الثّانية للهجرة النبوية. وكما سنشير - بعد حين - إِلى إِرادة الله وحكمه، فإنّ حكم الزكاة قد نزل من قبل في مكّة، لكن لا على نحو وجوب جمعها في بيت المال، بل كان الناس يؤدونها ذاتياً، أمّا في المدينة فإنّ قانون جباية الزكاة وجمعها في بيت المال قد صدر من الله تعالى في الآية (103) من سورة التوبة. إنّ الآية التي نبحثها، والتي نزلت يقيناً بعد آية وجوب الزكاة - وإن لم يسبق لها ذكر في القرآن الكريم - تبيّن الموارد المختلفة التي تصرف فيها الزكاة. وممّا يلفت النظر أن الآية بدأت بكلمة (إنّما) الدالّة على الحصر، وهي توحي بأنّ بعض الأفراد الأنانيين أو المغفلين كانوا يطمعون في أن يحصلوا على نصيب من الزكاة بدون أي وجه لإستحقاقهم لها، لكن كلمة (إنّما) ردّت أيديهم في أفواهم. وهذا المعنى تبيّنه الآيتان اللتان سبقت هذه الآية، حيث ذكرت أنّ هؤلاء كانوا يعترضون على النّبي (ص) في عدم إِعطائهم شيئاً من الزكاة، ويرضون عنه إِذا أعطاهم شيئاً منها. وعلى أي حال، فإنّ الآية قد بيّنت - بوضوح - الموارد الحقيقة التي تصرف فيها الزّكاة، وأنهت التوقعات غير المنطقية وحددت موارد صرف الزّكاة في ثمانية أصناف: 1 - الفقراء. 2 - المساكين: وسيأتي البحث في نهاية تفسير الآية عن الفرق بين الفقير والمسكين. 3 - العاملين عليها: وهم الذين يسعون في جباية الزكاة، وإدارة بيت المال، وما يُعطى لهم هو في الواقع بمنزلة أجرة عملهم، ولهذا لا يشترط فيهم الفقر على أي حال. 4 - المؤلفة قلوبهم: وهم الذين لا يوجد لديهم الحافز والدافع المعنوي القوي من أجل النهوض بالأهداف الإِسلامية وتحقيقها، ولكن ويمكن استمالتهم بواسطة بذل المال لهم، والإِستفادة منهم في الدفاع عن الإِسلام وتحكيم دولته، وإعلاء كلمته. وسيأتي توضيح أوسع حول هذا القسم. 5 - في الرقاب: وهذا يعني أن قسماً من الزكاة يخصّص لمحاربة العبودية والرق وإنهاء هذه الحالة غير الإِنسانية، وكما قلنا في محله فإنّ برنامج الإِسلام في معالجة مسألة الرقيق هو اتباع نظام (التحرير التدريجي) الذي ينتهي إِلى تحرير جميع العبيد بدون مواجهة ردود فعل اجتماعية غير متوقعة، ويشكّل تخصيص قسم من الزكاة لهذا الموضوع جانباً من هذا البرنامج المتكامل. 6 - الغارمون: وهم الذين عجزوا عن أداء ديونهم، ولم يكن هذا العجز نتيجة لتقصيرهم. 7 - في سبيل الله: والمراد منه - كما سنشير إِليه في آخر تفسير الآية - جميع السبل التي تؤدي إِلى تقوية ونشر الدين الإِلهي، وهي أعم من مسألة الجهاد والتبليغ وأمثالها. 8 - ابن السبيل: وهم الذين تخلفوا في الطريق لعلة ما، وليس معهم من الزاد والراحلة ما يوصلهم إِلى بلدانهم أو إِلى الجهة التي يقصدونها، حتى ولو لم يكونوا فقراء في واقعهم، لكنّهم افتقروا الآن نتيجة سرقة أموالهم أو مرضهم أو قلّة أموالهم أو لأسباب أخر، ومثل هؤلاء يجب أن يُعطَوا من الزكاة ما يوصلهم إِلى مقصدهم أو بلدهم. وفي خاتمة الآية نلاحظ التأكيد على صرفها في الجهات السابقة، ولذلك قال سبحانه: (فريضة من الله) ولا شك أنّ هذه الفريضة قد حُسبت بصورة دقيقة جدّاً، وبصورة تحفظ مصالح الفرد والمجتمع، لأنّ (الله عليم حكيم). بحوث وهنا أُمور ينبغي ملاحظتها: 1 - الفرق بين الفقير والمسكين هناك بحث بين المفسّرين في مفهومي الفقير والمسكين، هل أنّ مفهومهما واحد، وتكرار اللفظين معاً في الآية من باب التأكيد فتصبح موارد صرف الزكاة سبعة لا ثمانية، أم أنّهما لهما معنيان مختلفان؟ أغلب المفسّرين والفقهاء قالوا بالثّاني، لكن وقع البحث حتى بين أنصار هذا القول في تفسير وتحديد مفهوم كل من الكلمتين، والذي يبدو أقرب للنظر، أنّ (الفقير) هو الشخص الذي يعاني من حاجة مالية في حياته ومعاشه مع أنّه يعمل ويكتسب، لكنّه لا يسأل أحداً مطلقاً رغم حاجته لعفته وعزّة نفسه، أمّا (المسكين) فهو أشد حاجة من الفقير، وهو العاجز عن العمل، فهو مضطر لأنّ يستعطي الناس ويسألهم. والدليل على ذلك أنّ الأصل اللغوي لكلمة مسكين مأخوذ من مادة السكون، لأنّ المسكين لشدة فقره كأنّه سكن وأخلد إلى الأرض. ثمّ إنّ ملاحظة استعمال الكلمتين في مواضع متعددة من القرآن يؤيد هذا الرأي، فمثلا: نقرأ في الآية (16) من سورة البلد: (أو مسكيناً ذا متربة) وفي الآية (رقم 8) من سورة النساء: (وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم) ويُفهم من هذا التعبير أنّ المراد بالمساكين هم الذين يسألون ويستعطون إِذا حضروا مثل هذه المواضع. وفي الآية (24) من سورة القلم نقرأ: (أن لا يدخلنّها اليوم عليكم مسكين) وهي إشارة إِلى السائلين. وكذلك التعبير بـ (إِطعام مسكين) أو (طعام مسكين) ، فإنّه يوحي بأنّ المساكين هم الجياع الذين يحتاجون إِلى الطعام، في حين أنّنا نستطيع أن نفهم بوضوح - من خلال بعض الآيات القرآنية التي وردت فيها كلمة الفقير - أنّ المراد من الفقراء هم أفراد محتاجون للمال لكنّهم لحفظ ماء الوجه ولعزة أنفسهم لا يسألون الناس مطلقاً، كما تبين ذلك الآية (273) من سورة البقرة: (للفقراء الذين أُحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضرباً في الأَرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف). وبعد كل هذا ففي رواية رواها محمّد بن مسلم عن الإِمام الصادق أو الإِمام الباقر (عليهما السلام) ، أنّه سأله عن الفقير والمسكين فقال: "الفقير الذي لا يسأل، والمسكين الذي هو أجهد منه الذي يسأل" (1). وبهذا المضمون وردت رواية عن أبي بصير عن الصادق (ع) ، وكلتاهما صريحتان في المعنى السابق. ونذكّر هنا بأنّ قسماً من القرائن قد يظهر منه أحياناً خلاف ما قلناه، إلاّ أنّنا إذا نظرنا إِلى مجموع القرائن اتَّضح أن الحق ما قلناه. 2 - هل يجب تقسيم الزّكاة إِلى ثمانية أجزاء متساوية؟ يعتقد بعض المفسّرين والفقهاء أنّ ظاهر الآية يدلّ على وجوب تقسيم الزكاة إِلى ثمانية أجزاء متساوية، وصرف كل جزء في مورده الخاص إلاّ أن يكون مقدار الزكاة من القلّة بحيث لا يمكن تقسيمه إِلى ثمانية أقسام. أمّا الأكثرية الساحقة من الفقهاء فقد ذهبوا إلى أن ذكر الأصناف الثمانية في الآية يبيّن جواز صرف الزكاة في هذه الموارد، لا أنّه يجب تقسيم الزكاة إلى ثمانية أجزاء. والسيرة الثابتة للنّبي (ص) وأئمّة أهل البيت (ع) تؤيّد هذا المعنى، إضافة إلى أنّ الزكاة إِحدى الضرائب الإِسلامية، والحكومة الإِسلامية هي المسؤولة عن جبايتها من الناس، والهدف من تشريعها هو تأمين الحاجات المختلفة للمجتمع الإِسلامي. أمّا كيفية صرف الزكاة في هذه الموارد الثمانية، فإنّه يرتبط بالضرورات الإِجتماعية من وجه، وبرأي ووجهة نظر الحكومة الإِسلامية من جهة أُخرى. 3 - متى شُرعت الزّكاة؟ يستفاد من الآيات القرآنية المختلفة - ومن جملتها الآية (156) من سورة الأعراف، والآية (رقم 3) من سورة النمل، والآية (رقم 4) من سورة لقمان، والآية (7 رقم) من سورة فصلت، وكلها سور مكّية - أن حكم وجوب الزكاة نزل في مكّة، وكان المسلمون ملزمين بأدائها كواجب شرعي، لكن لما قدم النّبي (ص) إِلى المدينة وأسس الدولة الإِسلامية، وكان لابدّ من إِيجاد بيت المال، أمره الله سبحانه بأن يأخذ الزكاة من الناس بنفسه - لا أنهم يصرفون الزكاة بأنفسهم حسب ما يرونه - فنزلت الآية (103) من سورة التوبة: (خذ من أموالهم صدقة...). والمشهور أنّ ذلك كان في السنة الثّانية للهجرة، ثمّ بيّنت الآية التي نبحثها - الآية (60) من سورة التوبة - موارد صرف الزكاة بصورة دقيقة. ولا ينبغي التعجب من أن تشريع أخذ الزكاة في الآية (103) ، وبيان موارد صرفها - والذي يقال أنّه نزل في السنة التاسعة للهجرة - في الآية (60) ، لأنا نعلم أن آيات القرآن لم تجمع وترتب حسب تأريخ نزولها، بل بأمر النّبي (ص) ، حيث أمر بوضع كل آية في مكانها المناسب. 4 - من هم المقصودون بـ (المؤلفة قلوبهم) ؟ الذي يُفهم من تعبير (المؤلفة قلوبهم) أن أحد موارد صرف الزكاة هم الأفراد الذين يراد استمالتهم وجلب محبّتهم بالزكاة، لكن هل المراد منهم الكفار الذين يمكن الإِستعانة بهم في أمر الجهاد ببذل الزكاة لهم، أم يدخل معهم المسلمون ضعيفو الإِيمان؟ وكما قلنا في المباحث الفقهية، فإنّ لهذه الآية، وكذلك للروايات الواردة في هذا الموضوع مفهوماً واسعاً، ولهذا فإنّها تشمل كل من يمكن استمالته من أجل نفع وتحكيم الإِسلام، ولا دليل على تخصيصها بالكفار. 5 - دور الزّكاة في الإِسلام إِذا علمنا أنّ الإِسلام يظهر على أنّه مذهب أخلاقي أو فلسفي أو عقائدي بحت، بل ظهر إِلى الوجود كدين وقانون كامل وشامل عولجت فيه كل الحاجات المادية والمعنوية في الحياة، وكذلك إِذا علمنا أن تشكيل وتأسيس الدولة الإِسلامية قد لازم ظهور الإِسلام منذ عصر النّبي الأكرم (ص) ، وإذا علمنا أن الإِسلام يهتم اهتماماً خاصّاً بنصرة المحرومين ومكافحة الطبقية في المجتمع اتضح لنا أنّ دور بيت المال والزكاة التي تشكل أحد موارده، من أهم الأدوار. لا شك أن في كل مجتمع أفراداً عاجزين عن العمل، مرضى، يتامى، معوقين، وأمثالهم، وهؤلاء يحتاجون حتماً إِلى من يحميهم ويرعاهم ويقوم بشؤونهم. وكذلك يحتاج هذا المجتمع إِلى جنود مضحين من أجل حفظ وجوده وكيانه، أمّا مصاريف هؤلاء الجنود ونفقاتهم فإنّ الدولة هي التي تلتزم بتأمينها ودفعها إِليهم. وكذلك العاملون في الدولة الإِسلامية، الحكام والقضاة، وسائل الإِعلام والمراكز الدينية وغيرها، فكل قسم من هذه الأقسام يحتاج إلى ميزانية خاصّة ومبالغ طائلة لا يمكن تهيئتها دون أن يكون هناك نظام مالي محكم منظم. وعلى هذا الأساس أولى الإِسلام الزكاة - التي تعتبر في الحقيقة نوعاً من الضرائب على الإِنتاج والأرباح، وعلى الأموال الراكدة - اهتماماً خاصاً، حتى أنّه اعتبرها من أهم العبادات، وقد ذكرت - جنباً إلى جنب - مع الصلاة في كثير من الموارد، بل إِنّه اعتبرها شرطاً لقبول الصلاة. وأكثر من هذا أننا نقرأ في الرّوايات الإِسلامية أنّ الدولة الإِسلامية إذا طلبت الزكاة من شخص أو أشخاص وامتنع هؤلاء من ذلك فسوف يحكم بارتدادهم، وإذا لم تنفع النصيحة معهم ولم يؤثر الموعظة فيهم، فإنّ الإستعانة بالقوّة العسكرية لمقابلتهم أمر جائز. وفي رواية عن الإِمام الصادق (ع): "من منع قيراطاً من الزكاة فليس هو بمؤمن، ولا مسلم، ولا كرامة". (2) وممّا يلفت النظر أنّ الرّوايات قد أظهرت أن تعين الزكاة بهذا المقدار يبيّن دقة حسابات الإِسلام، فإنّ المسلمين جميعاً لو أدّوا زكاة أموالهم بصورة دقيقة وكاملة فسوف لن يبقى فقير أو محروم في كافة أنحاء البلاد الإِسلامية. ففي رواية عن الصادق (ع): "ولو أنّ الناس أدّوا زكاة أموالهم ما بقي مسلم فقيراً محتاجاً... وإن الناس ما افتقروا، ولا احتاجوا، ولا جاعوا، ولا عروا إلاّ بذنوب الأغنياء" (3). وكذلك يفهم من الرّوايات أنّ أداء الزكاة سبب لحفظ أصل الملك والأموال وتحكيم أسسها، بحيث أنّ الناس إذا أهملوا تطبيق هذا الأصل الإِسلامي المهم فإنّ الفاصلة والتفاوت بين الطبقات سيصل إِلى حد يعرض أموال الأغنياء إِلى الخطر. في حديث عن الإِمام موسى بن جعفر (ع): "حَصّنوا أموالكم بالزكاة" (4). وبهذا المضمون نقلت روايات أُخرى عن النّبي (ص) وأميرالمؤمنين (ع). ولمزيد الإِطلاع على هذه الأحاديث راجع الأبواب: الأوّل والثّالث والرّابع والخامس من أبواب الزكاة من المجلد السّادس من وسائل الشيعة. 6 - ما الفرق بين العطف بـ "اللام أو في"؟ النقطة الأخيرة التي ينبغي الإِلتفات إِليها، هي أنّ في الآية التي نبحثها أربعة أقسام ذكرت معطوفة على حرف اللام: (إنّما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم) ، وهذا التعبير عادة يفيد الملكية. أمّا الأقسام الأربعة الأُخرى فقد سبقها حرف (في): (وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل) ، وهذا التعبير عادة يُستعمل لبيان مورد الصرف (5). هناك بحث ونقاش بين المفسّرين في سبب اختلاف التعبير، فالبعض يعتقد أن الأصناف الأربعة الأُولى يملكون الزكاة، أمّا الأصناف الأربعة الأُخرى فإنّهم لا يملكونها، بل إن الزكاة يجوز أن تصرف فيهم. والبعض الآخر يعتقد أن الإختلاف في التعبير يشير إِلى مسألة أُخرى، وهي أنّ الطائفة الثّانية أكثر استحقاقاً للزكاة، لأن كلمة (في) لبيان الظرفية، لهذا فإن هذه المجموعة الرباعية تمثل محتوى ومصرف الزكاة، والزكاة وعاء لها، في حين أن المجموعة الأُولى ليست كذلك. لكننا نحتمل ونرجح احتمالا آخر، وهو أن الستة أقسام - وهم: الفقراء والمساكين والعاملون عليها والمؤلفة قلوبهم والغازمون وابن السبيل - التي لم تذكر قبلها (في) متساوون وقد عطفت على بعضها البعض، أمّا القسمان الآخران - وهما في الرقاب وفي سبيل الله - اللذان بيّنتهما (في) فإنّ لهما وضعاً خاصاً، وربّما كان السبب في اختلاف التعبير من جهة إِمكان تملك الزكاة من قبل الأصناف الستة، ويمكن أداء الزكاة إِليهم (حتى المدينين والعاجزين عن أداء ديونهم، لكن بشرط الإِطمئنان إِلى أنّ هؤلاء يصرفونها في سداد ديونهم). أمّا الصنفان الآخران فلا يملكون الزكاة، ولا يمكن دفع الزكاة إِليهم، بل تصرف في جهتهم، فمثلا يجب الشراء العبيد وتحريرهم عن طريق الزكاة، ومن الواضح أنّهم لا يملكون الزكاة في هذه الحالة، بل صرفت الزكاة في جهة تحريرهم. وكذلك الحال بالنسبة إِلى الموارد التي تندرج تحت عنوان (في سبيل الله) كنفقات الجهاد، وإِعداد الأسلحة، أو بناء المساجد والمراكز الدينية، وأمثال هذه المفردات لا تملك الزكاة بل أنّها مورد لصرف الزكاة. وعلى أي حال، فإنّ التفاوت الإِختلاف في التعبير يوضح الدقة المتناهية في التعبيرات القرآنية. ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ﴾ أي الزكاة للمذكورين لا غير واللام لبيان المصرف فلا يجب البسط على الأصناف كما عليه الأصحاب وأكثر الجمهور وقيل للملك فيجب البسط عليهم والفقير والمسكين العاجزان عن قوت السنة لهما ولواجبي نفقتهما ﴿وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا﴾ السعاة في جمعها ﴿وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ﴾ من الكفار ليسلموا أو ليذبوا عن المسلمين أو قوم أسلموا يعطون لتقوى نياتهم وليرغب نظائرهم في الإسلام ﴿وَفِي الرِّقَابِ﴾ في فكها بإعانة المكاتبين وابتياع المماليك وعتقهم إذا كانوا في شدة أو عدم المستحق، وقيل مطلقا وعدل عن اللام إلى في إيذانا بأن الصرف في الجهة لا إلى الرقاب ﴿وَالْغَارِمِينَ﴾ المديونين في غير معصية أو تابوا وليس لهم وفاء أو في إصلاح ذات البين ولو أغنياء ﴿وَفِي سَبِيلِ اللّهِ﴾ الجهاد وجميع سبل الخير والمصالح ﴿وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ المنقطع في السفر ولو غنيا في بلده ﴿فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ﴾ أي فرضها لهم فريضة ﴿وَاللّهُ عَلِيمٌ﴾ بخلقه ﴿حَكِيمٌ﴾ في تدبيره.