التّفسير
جهاد الكفار والمنافقين:
وأخيراً، صدر القرار الإِلهي للنّبي الأكرم (ص) في وجوب جهاد الكفار والمنافقين بكل قوّة وحزم (يا أيّها النّبي جاهد الكفار والمنافقين) ولا تأخذك بهم رأفة ورحمة، بل شدد (واغلظ عليهم).
وهذا العقاب هو العقاب الدنيوي، أمّا في الآخرة فإن محلهم (ومأواهم جهنم وبئس المصير).
إن طريقة جهاد الكفار واضحة ومعلومة، فإنّ جهادهم يعني التوسل بكل الطرق والوسائل في سبيل القضاء عليهم، وبالذات الجهاد المسلح والعمل العسكري، لكن البحث في أسلوب جهاد المنافقين، فمن المسلم أنّ النّبي (ص) لم يجاهدهم عسكرياً ولم يقابلهم بحد السيف، لأنّ المنافق هو الذي أظهر الإسلام، فهو يتمتع بكل حقوق المسلمين وحماية القانون الإِسلامي بالرغم من أنّه يسعي لهدم الإِسلام في الباطن فكم من الأفراد لاحظّ لهم من الإِيمان، ولا يؤمنون حقيقة بالإسلام، غير أنّنا لا نستطيع أن نعاملهم معاملة غير المسلمين.
اذن، فالمستفاد من الرّوايات وأقوال المفسّرين هو أنّ المقصود من جهاد المنافقين هو الاشكال والطرق الأُخرى للجهاد غير الجهاد الحربي والعسكري، كالذم والتوبيخ والتهديد والفضيحة، وربّما تشير جملة (واغلظ عليهم) إلى هذا المعنى.
ويحتمل في تفسير هذه الآيه: أنّ المنافقين يتمتعون بأحكام الإسلام وحقوقه وحمايته ما دامت أسرارهم مجهولة، ولم يتّضح وضعهم على حقيقته، أمّا إذا تبيّن وضعهم وانكشفت خبيئة أسرارهم فسوف يحكمون بأنّهم كفار حربيون، وفي هذه الحالة يمكن جهادهم حتى بالسيف.
لكن الذي يضعف هذا الإِحتمال أنّ إطلاق كلمة المنافقين على هؤلاء لا يصح في مثل هذه الحالة، بل إنّهم يعتبرون من جملة الكفار الحربيين، لأنّ المنافق - كما قلنا سابقاً - هو الذي يظهر الإِسلام ويبطن الكفر.
﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ﴾ بالسيف ﴿وَالْمُنَافِقِينَ﴾ بالوعظ والحجة ﴿وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ﴾ بالقول والفعل ﴿وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ المرجع هي.