التّفسير
دناءة الهمّة
الكلام في هذه الآيات يدور كذلك حول المنافقين، إلاّ أنّ هذه الآيات تقارن بين الأعمال القبيحة للمنافقين وأعمال المؤمنين الحقيقيين الحسنة، وتوضح من خلال هذه المقارنة انحراف هؤلاء المنافقين ودناءتهم.
فالآية الأُولى تتحدث عن حال المنافقين إِذا ما دعا الرّسول (ص) الناس إِلى الثبات على الإِيمان والجهاد في سبيل الله، فإنّهم - أي المنافقون - رغم قدرتهم الجسمية والمالية سيطلبون العذر والسماح لهم بعدم المشاركة والبقاء مع ذوي الأعذار: (وإذا أنزلت سورة أن آمنوا بالله وجاهدوا مع رسوله استأذنك أولو الطول منهم وقالوا ذرنا نكن مع القاعدين).
كلمة "الطول" على وزن فعل - جاءت بمعنى القدرة والإستطاعة المالية، وعلى هذا فإنّ (أولوا الطول) بمعنى المستطيعين والقادرين مالياً وجسمياً على الحضور في ميدان الحرب، ورغم ذلك فهم يميلون إِلى التخلف مع أُولئك الذين لا قدرة لديهم - مادياً أو بدنياً - على الحضور والمشاركة في الجهاد.
وأصل هذه الكلمة مأخوذ من "الطول" ضد العرض، والإِشتراك والإِرتباط بين هذين المعنيين واضح، لأنّ القدرة المالية والجسمية يعطي معنى الإستمرارية والدوام وطول القدرة.
﴿وَإِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ﴾ أي بأن ﴿آمِنُواْ بِاللّهِ وَجَاهِدُواْ مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُوْلُواْ الطَّوْلِ﴾ ذو السعة ﴿مِنْهُمْ وَقَالُواْ ذَرْنَا نَكُن مَّعَ الْقَاعِدِينَ﴾ المتخلفين لعذر.