في الآية الأخيرة التي نبحثها هنا إشارة إِلى يمين أُخرى من أيمان هؤلاء، الهدف منها جلب رضى المسلمين (يحلفون لكم لترضوا عنهم).
الفرق بين اليمين في هذه الآية واليمين في الآية السابقة، أنّ المنافقين في الآية السابقة أرادوا تهدئة خواطر المؤمنين في الواقع العملي أمّا اليمين التي في هذه فإنّها تشير إِلى أنّ المنافقين أرادوا من المؤمنين مضافاً إِلى سكوتهم العملي إظهار الرضا القلبي عنهم.
الملفت للنظر هنا أن الله تعالى لم يقل: لا ترضوا عنهم، بل عبّر سبحانه بتعبير تُشم منه رائحة التهديد، إِذ تقول عزَّوجلّ: (فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين).
لا شك أن هؤلاء من الناحية الدينية والأخلاقية لا يعيرون اهتماماً لرضى المسلمين، بل إن الهدف من عملهم هذا هو رفع النظرة السلبية والغضب عليهم من أفكار وقلوب المسلمين، ليكونوا في المستقبل في مأمن من ردود الفعل ضدهم إذا بدرت منهم أعمال منافية، إلاّ أن الله تعالى لما عبر بقوله: (لا يرضى عن القوم الفاسقين) نبّه المسلمين على أن هؤلاء فاسقون، ولا معنى لرضاكم عنهم، فإنّ هؤلاء دأبهم يضحكوا على الأذقان، فانتبهوا وعوا أمر هؤلاء ولا تقعوا في شراكهم.
كم هو مهم وجيدّ أن يراقب المسلمون في كل زمان خطط المنافقين الشيطانية ويعرفوهم، حتى لا يستفيدوا من الخطط السابقة للوصول إِلى أهدافهم المشؤومة عبر هذه الوسائل والخطط الخبيثة
﴿الأَعْرَابُ﴾ أهل البدو ﴿أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا﴾ من أهل المدن لغلظ طباعهم وبعدهم عن سماع القرآن ومخالطة العلماء ﴿وَأَجْدَرُ﴾ وأحق بأن ﴿أَلاَّ يَعْلَمُواْ حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى رَسُولِهِ﴾ من الفرائض والسنن ﴿وَاللّهُ عَلِيمٌ﴾ بأحوال خلقه ﴿حَكِيمٌ﴾ في حكمه فيهم.