لا يوجد اتصال بالانترنت !
ستتم اعادة المحاولة بعد 10 ثواني ...
جاري التحميل ...
يقول الراوي، فاستعظمت ذلك، فقال لي، "أمّا تقرأ كتاب الله عزَّوجَلّ: (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون) ، هو والله علي بن أبي طالب" (7). إِنّ بعض هذه الأخبار ورد فيها ذكر النّبي (ص) فقط، وفي بعضها علي (ع) ، وفي بعضها الآخر ذكر النّبي (ص) والأئمّة (ع) ، كما أنّ بعضها قد خص وقت عرض الأعمال بعصر الخميس، وبعضها جعله كل يوم، وبعضها في الأسبوع مرّتين، وبعضها في أوّل كل شهر، وبعضها عند الموت والوضع في القبر. ومن الواضح أنّ لا منافاة بين هذه الرّوايات، ويمكن أن تكون كلّها صحيحة، تماماً كما هو الحال في دستور عمل المؤسسات الخيرية، فالمحصلة اليومية تعرض في نهاية كل يوم، والأسبوعية منها في نهاية كل أسبوع، والشهرية أو السنوية في نهاية الشهر أو السنة على المسؤولين في المراتب العليا. وهنا يطرح سؤال، وهو: هل يمكن استفادة هذا الموضوع من نفس الآية مع غضّ النظر عن الرّوايات التي وردت في تفسيرها؟ أم أنّ الأمر كما قاله مفسّرو العامّة، وهو أنّ الآية تشير إِلى أمر طبيعي، وهو أنّ الإِنسان إِذا عمل أي عمل، فإنّه سيظهر، شاء أم أبي، ومضافاً إِلى علم الله سبحانه، فإنّ النّبي (ص) والمؤمنين سيطلعون على ذلك العمل بالطرق الطبيعة؟ وفي الجواب عن هذا السؤال يجب أن يقال: الحق أنّ لدنيا شواهد على هذا الموضوع من نفس الآية، وذلك: أوّلا: إِنّ الآية مطلقة، وهي تشمل جميع الأعمال، فإنّا نعلم أن جميع الأعمال لا يمكن أن تتّضح للنّبي (ص) والمؤمنين بالطرق العادية الطبيعية، لأنّ أكثر المعاصي ترتكب في السر، وتبقى مستترة عن الأنظار والعلم غالباً، بل إنّ الكثير من أعمال الخير أيضاً تُعمل في السرّ، ويلفها الكتمان. ودعوى أن كل الأعمال، الصالحة منها والطالحة، أو أغلبها تتّضح للجميع واضحة والبطلان وبعيدة كل البعد عن المنطق والحكمة. وعلى هذا فإنّ علم النّبي (ص) والمؤمنين بأعمال الناس يجب أن يكون عن طريق غير طبيعي، بل عن طريق التعليم الإِلهي. ثانياً: إِنّ آخر الآية يقول: (فينبئكم بما كنتم تعملون) ولا شك أنّ هذه الجملة تشمل كل أعمال البشر - العلنية منها والمخفية - وظاهر تعبير الآية أنّ المقصود من العمل الوارد في أولها وآخرها واحد، وعلى هذا فإن أول الآية يشمل أيضاً كل الأعمال - الظاهرة منها والباطنة - ولا شك أنّ الوقوف عليها كاملا لا يمكن بالطرق المعروفة الطبيعية. وبتعبير آخر، فإنّ نهاية الآية تتحدث عن جزاء جميع الأعمال، وكذلك تبحث بداية الآية علم الله ورسوله والمؤمنين بكل الأعمال، فهنا مرحلتان: إِحداهما: مرحلة الإِطلاع والعلم، والأُخرى: مرحلة الجزاء، والموضوع واحد في المرحلتين. ثالثاً: إِنّ ضميمة المؤمنين في الآية إِلى الله ورسوله يصح في صورة يكون المقصود فيها كل الأعمال وبطرق غير الطبيعية، وإِلاّ فإنّ الأعمال العلنية يراها المؤمنون وغير المؤمنين على السواء، ومن هنا تتّضح مسألة أُخرى بصورة ضمنية، وهي أنّ المقصود من المؤمنين في الآية - كما ورد في الرّوايات الكثيرة أيضاً - ليس جميع المؤمنين، بل فئة خاصّة منهم، وهم الذين يطلعون على الأسرار الغيبية بإذن الله تعالى، ونعني بهم خلفاء النّبي (ص) الحقيقيين. والمسألة الأُخرى التي يجب الإِنتباه لها هنا، وهي - كما أشرنا سابقاً - أنّ مسألة عرض الأعمال لها أثر عظيم على المعتقدين بها، فإنّي إِذا علمت أنّ الله الموجود في كل مكان معي، وبالإِضافة إِلى ذلك فإنّ نبيي (ص) وأئمّتي (ع) يطلعون على كل أعمالي، الحسنة والسيئة في يوم كل يوم، أو في كل أسبوع، فلا شك أنّي سأكون أكثر مراقبة ورعاية لما يبدر منّي من أعمال، وأحاول تجنب السيئة منها ما أمكن، تماماً كما لو علم العاملون في مؤسسة ما بأنّ تقريراً يومياً أو أسبوعياً، تسجل فيه جزئيات أعمالهم، يُرفع إِلى المسؤولين ليطلعوا على دقائق أعمالهم. 2 - هل الرّؤية هنا تعني النظر؟ المعروف بين جميع من المفسّرين أنّ الرؤية الواردة في قوله تعالى: (فسيرى الله عملكم...) تعني المعرفة، لا العلم، لأنّها لم تأخذ أكثر من مفعول واحد ولو كانت الرؤية بمعنى العلم لأخذت مفعولين. لكن لا مانع أن تكون الرؤية بمعناها الأصلي، وهو مشاهدة المحسوسات، لا بمعنى العلم، ولا بمعنى المعرفة، فإنّ هذا الموضوع بالنسبة إِلى الله سبحانه وتعالى الموجود في كل مكان، والمحيط بكل المحسوسات لا مناقشة فيه. وأمّا بالنسبة للنّبي (ص) والأئمّة (ع) ، فلا مانع من ذلك أيضاً، حيث أنّهم يرون نفس الأعمال عند عرضها، لأنّا نعلم أنّ أعمال الإِنسان لا تفنى، بل تبقى إِلى يوم القيامة. 3 - لا شك أنّ الله عزَّوجَلّ يعلم بالأعمال قبل وقوعها، والذي في جملة: (فسيرى الله) إِشارة إِلى تلك الأعمال بعد تحققها في عالم الوجود. ﴿وَقُلِ اعْمَلُواْ﴾ ما شئتم ﴿فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ﴾ من خير وشر ولا يخفى عليه ﴿وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾ أئمة الهدى فروي أن أعمال الأمة تعرض عليهم وفي قراءتهم والمأمونون ﴿وَسَتُرَدُّونَ﴾ بالبعث ﴿إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ بالمجازاة عليه.