ثمّ يأتي الحديث في الآية التالية عن أصحاب النّار الذين يشكلون الطرف المقابل للمجموعة الأُولى، فتقول: (والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها) وهنا لايوجد كلام عن الزيادة، لأنّ الزيادة في الثواب فضل ورحمة، أمّا في العقاب فإِنّ العدالة توجب أن يكون بقدر الذنب ولا يزيد ذرة واحدة.
إلاّ أن هؤلاء عكس الفريق الأوّل مسودة وجوههم (وترهقهم ذلة) (2).
ويمكن أن يقول قائل: إِنّ هؤلاء يجب أن لا يروا من العقاب إلاّ بقدر ذنوبهم، وأنّ اسوداد الوجه هذا، وغبار الذل الذي يغطيهم شيء إضافي.
لكن ينبغي الإِنتباه إلى أن هذه هي خاصية وأثر العمل الذي ينعكس من داخل روح الإِنسان إِلى الخارج، تماماً كما نقول: إِنّ الأفراد المعتادين على شرب الخمر يجب أن يجلدوا.
وفي الوقت نفسه فإِنّ الخمر تولد مختلف أمراض المعدة والقلب والكبد والأعصاب.
وعلى كل حال، فقد يظن المسيئون أنّهم سوف يكون لهم طريق للهرب أو النجاة، أو أنّ الأصنام وأمثالها تستطيع أن تشفع لهم، إلاّ أن الجملة التالية تقول بصراحة: (مالهم من الله من عاصم).
إِنّ وجوه هؤلاء مظلمة ومسودة إِلى الحد الذي (كأنّما أغشيت وجوههم قطعاً من الليل مظلماً أُولئك أصحاب النّار هم فيها خالدون).
﴿وَالَّذِينَ﴾ وللذين ﴿كَسَبُواْ السَّيِّئَاتِ جَزَاء سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا﴾ بلا زيادة ﴿وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَّا لَهُم مِّنَ اللّهِ﴾ من سخطه ﴿مِنْ عَاصِمٍ﴾ مانع ﴿كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ﴾ ألبست ﴿وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِّنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾.