وتطرح الآية الأُخرى الجواب الثّالث، فتقول: (قل أرأيتم إِنّ أتاكم عذابه بياتاً أو نهاراً) فهل تستطيعون أن تدفعوا عن أنفسكم هذا العذاب المفاجىء غير المرتقب؟
وإِذا كان الحال كذلك فـ (ماذا يستعجل منه المجرمون) ؟
وبتعبير آخر، فإِنّ هؤلاء المجرمين الجريئين إِن لم يتيقنوا نزول العذاب فليحتملوا على الأقل أن يأتيهم فجأة، فما الذي يضمن لهؤلاء أنّ تهديدات النّبي (ص) سوف لن تقع أبداً؟
إِنّ الإِنسان العاقل يجب أن يراعي الإِحتياط على الأقل في مقابل مثل هذا الضرر المحتمل ويكون منه على حذر.
وورد نظير هذا المعنى في آيات أُخرى من القرآن، وبتعبيرات أُخرى، مثل: (أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البرّ أو يرسل عليكم حاصباً ثمّ لا تجدوا لكم وكيلا) سورة الإِسراء، الآية (68).
وهذا هو الذي يعبر عنه في علم الكلام والأُصول بقاعدة "لزوم دفع الضرر المحتمل" (1).
﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ﴾ أخبروني ﴿إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ﴾ عذاب الله ﴿بَيَاتًا﴾ ليلا ﴿أَوْ نَهَارًا مَّاذَا﴾ أي شيء ﴿يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ﴾ من العذاب ﴿الْمُجْرِمُونَ﴾ وضع موضع الضمير وجواب إن محذوف أي تندموا على استعجالهم.