التّفسير
المرحلة الثّانية:
تفصل هذه الآيات مرحلة أُخرى من المجابهة، وتتحدث عن إِجراءات فرعون العملية ضد موسى وأخيه هارون.
فعندما لاحظ فرعون قسماً من معجزات موسى، كاليد البيضاء والحية العظيمة، ورأى أنّ إدعاء موسى ليس واهياً بدون دليل وبرهان، وأنّ هذا الدليل سيؤثر في جميع أنصاره أو الآخرين قليلا أو كثيراً، فكّر بجواب عملي كما يقول القرآن: (وقال فرعون أئتوني بكل ساحر عليم) فقد كان يعلم أنّ كل عمل يجب أن يؤتى من طريقة ويجب أن يستعين بالخبراء بذلك الفن.
هل إِنّ فرعون كان حقيقة في شك من أحقّية دعوة موسى، وكان يريد أن يحاربه ويواجهه عن هذا الطريق؟
أم أنّه كان يعلم أنّه مرسل من الله، إلاّ أنّه كان يظن أنّه يستطيع بواسطة ضجّة السحرة وغوغائهم أن يهدىء الناس، ويمنع مؤقتاً خطر نفوذ موسى في الأفكار العامّة، ويقول للناس بأنّه إِن جاء بعمل خارق للعادة فإِنّنا غير عاجزين عن القيام بمثله، وإِذا شاءت إِرادتنا الملوكية ذلك، فإِنّ مثل هذا الشيء سهل يسير بالنسبة لنا!
ويبدو أنّ الإِحتمال الثّاني أقرب، ويؤيد ذلك سائر الآيات المرتبطة بقصّة موسى التي وردت في سورة طه وأمثالها، وأنّه هبّ لمجابهة موسى عن وعي ودراية.
﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ﴾ وقرىء سحار ﴿عَلِيمٍ﴾ حاذق في السحر.