إِنّ حقيقة التوكل هي إِلقاء العمل والتصرف في الأُمور على كاهل الوكيل، وليس معنى التوكل أن يترك الإِنسان الجد والسعي وينزوي في زاوية ويقول: إِنّ الله معتمدي وكفى، بل معناه أن يبذل قصارى جهده، فإِذا لم يستطع أن يحل المشكلة ويرفع الموانع من طريقه، فلا يدع للخوف طريقاً إِلى نفسه، بل يصمد أمامها بالتوكل والإِعتماد على لطف الله والإِستعانة بذاته المقدسة وقدرته اللامتناهية، ويستمر في جهاده المتواصل، وحتى في حالات القدرة والاستطاعة فإِنّه لا يرى نفسه مستغنياً عن الله، لأنّ كل قدرة يتمتع بها هي من الله في النهاية.
هذا هو مفهوم التوكل الذي لا ينفك عن الإِيمان والإِسلام، لأنّ الفرد المؤمن والمذعن لأوامر الله يعتقد أنّه قادر على كل شيء، وكل عسير مقابل إِرادته سهل يسير.
ويعتقد بوعد الله تعالى للمؤمنين بالنصر.
إِنّ هؤلاء المؤمنين المخلصين أجابوا دعوة موسى بالتوكل: (فقالوا على الله توكلنا).
ثمّ رجوا من الله سبحانه أن ينجيهم من شر الأعداء ووساوسهم وضغوطهم ويؤمّنهم: (ربّنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين).
﴿فَقَالُواْ عَلَى اللّهِ تَوَكَّلْنَا﴾ اعتمدنا ﴿رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ لا تسلطهم علينا فيفتتنوا بنا.