ثمّ بعد هذا كله (ما أنت إلاّ بشر مثلنا) وكل عاقل لا يبيح لنفسه أن يطيع انساناً مثله (فأت بآية إن كنت من الصادقين) لكي نؤمن بك ونتبعك.
كلمة (المسحّر) مشتقّة من (السحر) ومعناها المسحور، أي المصاب بالسحر، إذ كانوا يعتقدون أن السحرة كانوا عن طريق السحر يعطلون عمل العقل، وهذا القول لم يتّهم به النبيّ صالحاً فحسب، بل اتهم به كثير من الأنبياء، حتى أن المشركين اتّهموا نبيَّنا محمّداً(ص) به فقالوا: (إن تتبعون إلاّ رجلا مسحوراً) (1). أجَلْ، إنّهم كانوا يرون معيار العقل أن يكون الإنسان متوفقاً مع البيئة والمحيط، فيأكل الخبز - مثلا - بسعر يومه، ويطبّق نفسه على جميع المفاسد... فلو أن رجلا مصلحاً إلهيّاً دعا الناس للقيام والنهوض بوجه العقائد الفاسدة وإصلاحها، عَدُّوهُ - بحسب منطقهم - مجنوناً "مسحّراً".
وهناك احتمالات أُخر في معنى "المسحّرين"، صرفنا النظر عنها لعدم مناسبتها...
﴿مَا أَنتَ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ في دعواك.