وثالث ما في منهج دعوتي إِليكم هو أن تستغفروا من ذنوبكم وتطهروا أنفسكم من الأدران: (وأن استغفروا ربّكم).
ورابعها هو أن تعودوا إِلى الله بالتوبة، وأن تتصفوا - بعد غسل الذنوب والتطهر في ظل الإِستغفار - بصفات الله، فإِنّ العودة إِليه تعالى لا تعني إِلاّ الإِقتباس من صفاته (ثمّ تُوبوا إِليه).
في الواقع إِنّ أربع مراحل من مراحل الدعوة المهمّة نحو الحق سبحانه بُيّنت في أربع جمل وفي أربعة أقسام، فقسمان يتضمنان الجانب "العقيدي" والأساسي.
وقسمان يتضمنان الجانب "العملي" والفوقاني.
فقبول أصل التوحيد ومحاربة الشرك، وقبول رسالة النّبي محمّد (ص) أصلان اعتقاديان، والتطهّر من الذنوب والتخلّق بالصفات الإِلهية - اللذان يحملان معنى البناء بتمام معناه - أمران عمليان حضّ عليهما القرآن، وإِذا تأملنا بدقّة في الآيات الكريمة وجدنا أن جميع محتوى القرآن يتلخص في هذه الأُصول الأربعة.. هذا هو الفهرس لجميع محتوى القرآن، ولجميع محتوى هذه السورة أيضاً.
ثمّ تبيّن الآيات النتائج العملية لموافقة هذه الأصول الأربعة أو مخالفتها بالنحو التالي (يمتعكم متاعاً حسناً) فاذا عملنا بهذه الأُصول فإِنّ الله سبحانه يهبنا حياة سعيدة إِلى نهاية العمر، وفوق كل ذلك فإنّ كُلاً يُعطى بمقدار عمله ولا يهمل التفاوت والتفاضل بين الناس في كيفية العمل بهذه الأصول... (ويؤت كل ذي فضل فضله) وأمّا في صورة المخالفة والعناد فتقول الآية: (وإِن تولوا فإِنّي أخاف عليكم عذاب يوم كبير) حين تمثلون للوقوف في محكمة العدل الإِلهي.
﴿وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ﴾ من الشرك والمعاصي ﴿ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ﴾ ارجعوا إليه بالطاعة أو أخلصوا التوبة واستقيموا عليها ﴿يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا﴾ في الدنيا بطيب عيش وسعة زهق ﴿إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى﴾ أي الموت ﴿وَيُؤْتِ﴾ في الآخرة ﴿كُلَّ ذِي فَضْلٍ﴾ عمل صالح ﴿فَضْلَهُ﴾ جزاء فضله، أو الهاء لله أي ثوابه ﴿وَإِن تَوَلَّوْاْ﴾ تعرضوا ﴿فَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ﴾ يوم القيامة.