ثمّ تضيف الآية لمزيد التأكيد: (كذلك سلكناه في قلوب المجرمين).
في بيان بليغ وبلسان رجل من بينهم، وهم يعرفونه ويعرفون سيرته وأخلاقة... وبمحتوى بشرت به الكتب السماوية السابقة... والخلاصة... إننا نسلكه بجميع هذه الأوصاف في قلوب المجرمين ليكون مقبولا سهلا مطبوعاً إلاّ أن هذه القلوب المرضى تمتنع عن قبوله... فمثله كمثل الطعام الطيب النافع الذي تلفظه المعدة السقيمة.
(التعبير "سلكناه" من مادة (سلوك) ومعناه العبور من الطريق، فيرد فيه من طرف ويخرج من آخر) ولذلك تقول الآية: (لا يؤمنون به حتى يروا العذاب الأليم) أي إن هؤلاء المجرمين المعاندين، يظلون على حالهم حتى نزول العذاب...
واحتمل بعض المفسّرين في تفسير الآية أن المراد من (كذلك سلكناه في قلوب المجرمين) هو أننا أدخلنا العناد واللجاجة والعصبية وعدم التأثير في قلوب المجرمين، بسبب ذنوبهم وجرمهم.
وطبقاً لهذا المعنى فالآية محل البحث تشبه الآية (ختم الله على قلوبهم) (1).
إلاّ أن التّفسير الأوّل أكثر انسجاماً مع الآيات السابقة واللاحقة، لذلك فقد اختاره أغلب المفسّرين.(2)
﴿فَقَرَأَهُ عَلَيْهِم مَّا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ﴾ عنادا أو أنفة من اتباع العجم قال (صلى الله عليه وآله وسلّم) لو نزلنا القرآن على العجم ما آمنت به العرب وقد نزل على العرب فآمنت به العجم.