وفي الآية التي بعدها يقول لهم موضحاً: إِنّني لو طردت من حولي فمن ينصرني من عدل الله يوم القيامة وحتى في هذه الدنيا (ويا قوم من ينصرني من الله إِن طردتهم).
فطرد المؤمنين الصالحين ليس بالأمر الهيّن، إِذ سيكونون خصومي يوم القيامة بطردي لهم، ولا أحدَ هناك يستطيع أن يدافع عنّي ويخلصني من عدل الله، ولربّما أصابتني عقوبة الله في هذه الدنيا، أم أنّكم لا تفكرون في أن ما أقوله هو الحقيقة عينها (أفلا تذكّرون).
والفرق بين "التفكر" و"التذكّر" هو أنّ التفكر في حقيقته إِنّما يكون لمعرفة شيء لم تكن لنا فيه خبرة من قبل، وأمّا التذكر فيقال في مورد يكون معروفاً للإنسان قبل ذلك، كما في المعارف الفطريّة.
والمسائل التي كانت بين نوح (ع) وقومه هي أيضاً من هذا القبيل، مسائل يعرفها الإِنسان ويدركها بفطرته وتدبّره، ولكن تعصب قومه وغرورهم وغفلتهم وأنانيتهم ألقت عليها حجاباً وغشاءً فكأنّهم عموا عنها.
وآخر ما يجيب به نوح قومه ويرِدّ على إِشكالاتهم الواهية..
﴿وَيَا قَوْمِ مَن يَنصُرُنِي مِنَ اللّهِ﴾ يمنعني من عذابه ﴿إِن طَرَدتُّهُمْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ﴾ تتعظون