لا يوجد اتصال بالانترنت !
ستتم اعادة المحاولة بعد 10 ثواني ...
جاري التحميل ...
أجل (إنه هو السميع العليم)... وهكذا تذكر الآيات ثلاث صفات لله بعد وصفه بالعزيز الرحيم وكلّ منها يمنح الأمل ويشدّ من عزم النّبي على مواصلة طريقةِ، إذ أن الله يرى جهوده وأتعابه وحركاته وسكناتهِ، وقيامه وسجوده وركعاته!... ذلك الله الذي يسمع صوته. الله الذي يعلم حاجاته وطلباته حاجته... أجل، فعلى هذا الإله توكل، وأركن إليه أبداً. بحثان 1 - تفسير (وتقلبك في الساجدين). بين المفسّرين أقوال مختلفة في معنى قوله تعالى: (الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين). وظاهر الآية هو ما ذكرناه آنفاً، أن الله يرى قيامك وانتقالك وحركتك بين الساجدين. وهذا القيام يمكن أن يكون قياماً للصلاة، أو القيام للعبادة من النوم، أو القيام للصلاة فرادى، وفي مقام تقلبك في الساجدين... الذي يشير إلى صلاة الجماعة. "التقلب" معناه الحركة والإنتقال من حال إلى حال، وهذا التعبير لعله إشارة إلى سجود النبيِّ بين الساجدين في أثناء الصلاة، أو إلى حركة النّبي وتنقله بين أصحابه وهم مشغولون بالعبادة، وكان يتابع أحوالهم ويسأل عنهم... وفي المجموع فإنّ هذا التعبير إشارة إلى أن الله سبحانه لا يخفى عليه شيءٌ من حالاتك وسعيك، سواءً كانت شخصيّة فردية، أم كانت مع المؤمنين في صورة جماعية، لتدبير اُمور العباد ولنشر مبدأ الحق مع الالتفات الى اَن الأفعال الواردة في الآية مضارعة وفيها معنى الحال والإستقبال". وهنا تفسيران آخران ذكرا في معنى الآية، إلاّ أنّهما لا ينسجمان مع ظاهرها، ولعلهما من بطون الآية: الأوّل: أنّ المراد من الآية رؤية النّبي ونظره إلى المصلين والساجدين خلفه، لأنّه كما يرى من أمامه يرى من خلفه كما ورد في الحديث: "لا ترفعوا قبلي ولا تضعوا قبلي، فإنّي أراكم من خلفي كما أراكم من أمامي"(2) ثمّ تلا النّبي(ص) الآية آنفة الذكر. الثّاني: أنّ المراد منه أنّ انتقال في أصلاب النبيّين من لدن آدم حتى أبيه عبد الله، كلّه تحت نظر الله سبحانه، أي حين تنتقل نطفتك المباركة من نبيّ موحد ساجد إلى ساجد آخر فإن الله عليم بذلك... وقد جاء في تفسير علي بن ابراهيم عن الإمام الباقر(ع) في تفسير (وتقلبك في الساجدين) ما يشير إلى هذا المعنى، قال(ع): "في أصلاب النبيين صلوات الله عليهم".(3) وفي تفسير مجمع البيان في توضيح هذه الجملة جاء عن الإِمامين الباقر والصادق(ع) ما يلي: "في أصلاب النبيين نبيّ بعد نبيّ، حتى أخرجه من صلب أبيه، عن نكاح غير سفاح من لدن آدم".(4) وبالطبع فإنّه بقطع النظر عن الآيات آنفة الذكر وتفسيراتها، فإن الدلائل المتوفرة تدلّ على أن والد النّبي وأجداده لم يكونوا مشركين أبداً، وولدوا في محيط منزّه عن الشرك والدنس "لمزيد الإيضاح يراجع تفسير الآية، 74 من سورة الأنعام" إلاّ أن التفاسير الآنفة هي من بطون الآية... 2 - إنذار الأقربين "حديث يوم الدار" وفقاً لما ورد في التواريخ الإسلامية، أُمر النّبي في السنة الثّالثة بدعوته الأقربين من عشيرته، لأنّ دعوته حتى ذلك الحين كانت مخفية "سريّة"، وكان الذين دخلوا في الإِسلام عدداً قليلا، لذلك حين نزلت الآية: (وأنذر عشيرتك الأقربين) والآية (فاصدع بما تؤمر واعرض عن المشركين) (5) أمر النّبي أن يجعل دعوته علنية، وبدأ ذلك بدعوة أهله وأقربائه(6). وأمّا كيفية إبلاغه وإنذاره إيّاهم، فهو بإجمال أنّه دعا النبيّ "عشيرته" إلى بيت عمّه أبي طالب، وكانوا في ذلك اليوم حوالي أربعين رجلا، وكان ممن حضر هذه الدعوة بعض أعمام النّبي(ص) كأبي طالب والحمزة وأبو لهب والعباس، وبعد أن تناولوا الطعام، وأراد النّبي أن يؤدي ما عليه، تكلم أبولهب كلمات أحبط بها خطة النّبي(ص) ، لذا فقد دعاهم النّبي في اليوم التالي أيضاً. وبعد أن تناولوا الطعام، قال(ص): "يا بني عبد المطلب، إنّي والله ما أعلم شاباً في العرب جاء قومه بأفضل ممّا جئتكم بخير الدنيا والآخرة... وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه فأيكم يؤازرني على أمري هذا، على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم؟" فأحجم القوم عنها غير علي، وكان أصغرهم (سناً) ، فقال: "يا نبيّ الله، أنا أكون وزيرك عليه"، فأخذ رسول الله برقبته، وقال: "إنّ هذا وصييّ وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا" فقام القوم يضحكون، ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لإبنك وتطيع.(7) وقد نقل هذا الحديث كثير من أهل السنة كابن جرير الطبري، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، وأبو نعيم، والبيهقي، والثعلبي، كما نقله "ابن الأثير" في الجزء الثّاني من كتابه "الكامل"، وأبو الفداء في الجزء الأوّل من تأريخه، وجماعة آخرون.(8) وهذا الحديث يوضع لنا كيف كان النّبي وحيداً حينذاك، وكيف ردّوا عليه دعوته بالسخرية والإستهزاء، وكيف وقف علي(ع) إلى جانب النّبي في وحدته ناصراً ومعيناً... وفي حديث آخر أن النّبي دعا قريشاً واحداً واحداً وحذرهم من النار فقال: "يا بني كعب أنقذوا أنفسكم من النار". وكان يدعو أحياناً بهذا الخطاب بني عبد شمس، وبني عبد مناف، وبني عبد المطلب، وبني هاشم فيقول: "انقذوا أنفسكم من النار".(9) فلست قادراً على الدفاع عنكم في حال كفركم. ﴿إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ﴾ لقولك ﴿الْعَلِيمُ﴾ نبأك.