وهناك تفاسير مختلفة لجملة (يلقون السمع):
فمنها: أن الضمير في (يلقون) عائد على الشياطين و "السمع" المراد منه المسموعات، أي أن الشياطين يلقون مسموعاتهم إلى أوليائهم وأكثرهم كاذبون "ويضيفون على ما يلقيه الشياطين أكاذيب كثيرة!"...
ومنها: إن الضمير في الفعل يعود على الأفاكين، إذ أنّهم كانوا يلقون - ما يسمعون من الشياطين - إلى عامّة الناس، إلاّ أن التّفسير الأوّل أصح ظاهراً(2)!
وفي الآية الرّابعة - من الآيات محل البحث - يردّ القرآن على اتهام آخر كان الكفار يرمون به النّبي فيدعونه شاعراً، كما في الآية (الخامسة) من سورة الأنبياء (بل هو شاعر) وربما دعوه بالشاعر المجنون، كما جاء في الآية (36) من سورة الصافات (ويقولون أإنا لتاركوا ألهتنا لشاعر مجنون).
فالقرآن يردهم هنا ببيان بليغ منطقي، بأن منهج النّبي يختلف عن منهج الشعراء. فالشعراء يتحركون في عالم من الخيال، وهو يتحرك على أرض الواقع والواقعيات، لتنظيم العالم الإنساني...
والشعراء يبحثون عن العيش واللذة والغزل (كما هي الحال بالنسبة لشعراء ذلك العصر في الحجاز خاصّة حيث يظهر ذلك من أشعارهم بوضوح).
﴿يُلْقُونَ﴾ أي الأفاكون ﴿السَّمْعَ﴾ إلى الشياطين فيتلقون منهم ﴿وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ﴾.