وبشأن المؤمنين الأتقياء، فهناك قانون عام شامل تبيّنه الآية التالية: ﴿وَالّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ اُولئك أَصحَابُ الجَنَّةِ هُم فِيهِ خَالِدُونَ﴾.
بحوث
1 - كسب السيئة:
الكسب والإِكتساب: الحصول على الشيء عن إرادة واختيار، من هنا عبارة ﴿بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً﴾ إشارة إلى أولئك الذين يرتكبون الذنوب عن علم وانتخاب.
وتعبير الآية بكلمة «كَسَبَ» قد يكون إشارة إلى المحاسبة الخاطئة العاجلة التي يرتكب المذنب على أساسها ذنبه ظاناً أنه يكسب بارتكاب الذنب نفعاً، ويتحمل بتركه خسارة! وإلى مثل هؤلاء المذنبين تشير آية كريمة ستأتي بعد عدد من الآيات إذ يقول سبحانه: ﴿أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالاْخِرَةِ فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنْصَرُونَ﴾.
2 - إحاطة الخطيئة:
الخطيئة تستعمل غالباً في الذنوب التي لا يرتكبها صاحبها عن عمد، لكنها وردت في هذه الآية بمعنى الذنوب الكبيرة، أو بمعنى آثار الذنب في قلب الإِنسان وروحه.
مفهوم إحاطة الخطيئة يعني إنغماس الفرد في الذنب إلى درجة يصبح ذلك الفرد سجين ذنبه.
بعبارة أوضح، الذنوب الكبيرة والصغيرة تبدأ على شكل «فعل» ثم تتحول إلى «حالة» ومع الإِستمرار والإِصرار تتحول إلى «ملكة».
وعند اشتدادها تغمر وجود الإِنسان وتصبح عين وجوده.
عندئذ لا تجدي مع هذا الفرد موعظة ولا يؤثر فيه توجيه ولا نصح، إذ أنه عَمِلَ عن اختيار على قلب ماهيته فمثلهم مثل دودة القز التي تلف حولها من نسيج الحرير حتى تمسي سجينة عملها.
الآية الكريمة تتحدث عن خلود مثل هؤلاء الأفراد في النار، وهذا يعني أن هؤلاء يغادرون الدنيا وهم مشركون.
لأن الشرك هو الذنب الوحيد الذي لا يغفره الله سبحانه: ﴿إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾.
3 - عنصرية اليهود:
نفهم من الآيات الكريمة أن روح التمييز العنصري لدى اليهود، التي هي مبعث كثير من مشاكل الساحة العالمية اليوم، كانت راسخة لدى اليهود منذ تلك الأيّام.
وكانوا يعتقدون بوجود تفوّق وامتياز لعنصر بني إسرائيل على سائر الأجناس البشرية الاُخرى.
ولا زالت هذه الذهنية سائدة لدى هؤلاء القوم بعد مرور آلاف السنين على أسلافهم الذين يتحدث عنهم القرآن الكريم.
وهذا التعصب العنصري هو الأساس الذي تقوم عليه الدولة الصهيونية الغاصبة اليوم.
هؤلاء يعتقدون بأن عنصرهم متميز عن سائر البشر لا في هذه الدنيا فحسب، بل في الآخرة أيضاً، حيث لا ينال المجرم منهم - على رأيهم - سوى عقوبة خفيفة قصيرة.
وهذه التصورات المغلوطة هي التي دفعتهم إلى أن يرتكبوا ألوان الجرائم والموبقات.’
﴿وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ شفع قسم الوعد بالوعيد ليرجى ثوابه ويخشى عقابه وأخرج العطف العمل عن الإيمان.