محطّم الأصنام الشّجاع:
كما أشرنا آنفاً، فإِنّ قصص خمسة أنبياء عظام وما واجههوه من شدائد وصعاب في دعواتهم والنتائج المترتبة عليها مبين في هذه السورة.
وفي الآيات السابقة كان الكلام حول نوح (عليه السلام) وأمّا الآن فالحديث عن هود (عليه السلام).
جميع هؤلاء الأنبياء جمعهم هدف واحد ومنطق واحد، وجميعهم نهضوا لإِنقاذ البشرية من كل أنواع الأسر، ولدعوتهم إِلى التوحيد بجميع أبعاده.
وكان شعارهم جميعاً الإِيمان والإِخلاص والجد والمثابرة والإِستقامة في سبيل الله، وكان رد الفعل من أقوامهم الخشونة والارهاب والضغوط.. يقول سبحانه في الآية الأُولى من هذه القصّة.. (وإِلى عاد أخاهم هوداً) ونلاحظ في الآية أنّها وصفت هوداً بكونه "أخاهم".
وهذا التعبير جار في لغة العرب.
حيث يطلقون كلمة أخ على جميع أفراد القبيلة لانتسابهم إِلى أصل واحد.. فمثلا يقولون في الأسدي "أخو أسد" وفي الرجل من قبيلة مذحج "أخو مذحج".
أو أنّ هذا التعبير يشير إِلى أنّ معاملة هود لهم كانت أخوية بالرغم من كونه نبيّاً، وهذه الحالة هي صفة الأنبياء جميعاً، فهم لا يعاملون الناس من منطق الزعامة والقيادة أو معاملة أب لأبنائه، بل من منطلق أنّهم إِخوة لهم.. معاملة خالية من أية شائبة واي امتياز أو استعلاء.
كان أوّل دعوة هود - كما هو الحال في دعوة الأنبياء جميعاً - توحيد الله ونفي الشرك عنه (قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إِن أنتم إلاّ مفترون).
فهذه الأصنام ليست شركاءه، ولا منشأ الخير أو الشرّ، ولا يصدر منها أي عمل، وأي افتراء أعظم وأكبر من نسبتكم كل هذا المقام والتقدير لهذه الموجودات "الأصنام" التي لا قيمة لها إِطلاقاً.
﴿وَإِلَى عَادٍ﴾ أرسلنا إلى عاد ﴿أَخَاهُمْ﴾ نسبأ لا دينا ﴿هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ﴾ وحده ﴿مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ﴾ على الله بجعلكم الأوثان شركاء.