ثمّ أنّ هود قال لقومه في آخر كلامه معهم كما تحكيه الآية (فإِنّ تولّوا فقد بلغتكم ما أُرسلت به إِليكم).
إِشارة إِلى أن لايتصوروا أنّ هوداً سيتراجع إِن لم يستجيبوا لدعوته، فإِنّه أدى واجبه ووظيفته، وأداء الواجب انتصار بحدّ ذاته حتى لو لم تقبل دعوته، وهذا درس لجميع القادة الحقيقيين وأئمة طريق الحق ألاّ يحسّوا أبداً بالتعب والقلق من أعمالهم، وإِن لم يقبل الناس دعوتهم.
وكما هدد القوم هوداً، فإنّه هددهم بأشد من تهديدهم، وقال: إِن لم تستجيبوا لدعوتي فإِنّ الله سيبيدكم في القريب العاجل (ويستخلف ربّي قوماً غيركم).
هذه سنة الله في خلقه وقانونه العام، إِنّه متى كان قوم غير لائقين لاستجابة الدّعوة والهدايه والنعم الأُخرى التي أنعمها عليهم فإِنّه سيبعدهم ويستخلف قوماً لائقين بمكانهم (إِنّ ربّي على كل شيء حفيظ).
فلا تفوته الفرصة، ولا يهمل أنبياءه ومحبيه، ولا يعزب عنه مثقال ذرة من حساب الآخرين بل هو عالم بكل شيء وقادر على كل شيء.
﴿فَإِن تَوَلَّوْاْ﴾ أي تتولوا أي تعرضوا ﴿فَقَدْ أَبْلَغْتُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ﴾ أديت ما علي وألزمتكم الحجة ﴿وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ﴾ بعد إهلاككم ﴿وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئًا﴾ بإهلاككم بإشراككم ﴿إِنَّ رَبِّي عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ﴾ يحصي أعمالكم ويجازيكم بها.