(يا إِبراهيم اعرض عن هذا إِنّه قد جاء أمر ربّك وإنّهم آتيهم عذاب غير مردود).
والتعبير بـ"ربّك" لايدل على أنّ هذا العذاب خلو من الطابع الانتقامي فحسب، بل يدل أيضاً على أنّه علامة لتربية العباد وإِصلاح المجتمع الإِنساني.
وما نقرؤه في بعض الرّوايات أنّ إِبراهيم (عليه السلام) قال لرسل الله: إِذا كان بين هؤلاء القوم مئة مؤمن فهل يعذب المؤمنون؟ قالوا: لا.
فقال: إِذا كان بينهم خمسون مؤمناً؟ فقالوا: لا أيضاً.
قال: فإذا كان بينهم ثلاثون مؤمناً؟ قالوا: لا.
قال: فإذا كان بينهم عشرة؟ قالوا: لا.
قال: فإذا كان بينهم خمسة؟ قالوا: لا.
قال: فإذا كان بينهم مؤمن واحد؟ قالوا: لا.
قال: فإنّ فيها لوطاً.
قالوا: نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله إلا امرأته(3)... الخ.
فمثل هذه الرّواية لا تدل بوجه مطلق على أنّ المجادلة اقتصرت على هذا الكلام; بل كان ذلك منه بالنسبة إلى المؤمنين، وهو شيء آخر غير مجادلته عن الكفار.
ومن هنا يتّضح أنّ الآيات التي وردت في سورة العنكبوت لا تنافي هذا التّفسير أيضاً "فتدبّر".
﴿يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا﴾ الجدال ﴿إِنَّهُ قَدْ جَاء أَمْرُ رَبِّكَ﴾ بهلاكهم ﴿وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ﴾ مدفوع عنهم.