ولكنّ شعيباً دون أن يتأثر بكلماتهم الرخيصة واتهاماتهم الواهية أجابهم بمنطقه العذب وبيانه الشائق متعجباً وقال: (يا قوم أرهطي أعزّ عليكم من الله)أفتذروني من أجل رهطي وقبيلتي التي لا تتجاوز عدّة أنفار ولا ينالني منكم سوء، فَلِمَ لا تصغون لكلامي في الله؟ وهل يمكن أن نقارن عدّة أفراد بعظمة الله سبحانه... وأنتم لم تهابوه وتوقّروه (واتخذتموه وراءكم ظهرياً)(2).
وفي الختام يقول لهم: لا تظنوا أنّ الله غافل عنكم أو أنّه لا يرى أعمالكم ولا يسمع كلامكم، بل (إنّ ربّي بما تعلمون محيط).
إِنّ المتحدّث البليغ هو من يستطيع أن يعرّف موقفه من بين جميع المواقف إلى الطرف المقابل ويشخصه من خلال أحاديثه.
﴿قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُم مِّنَ اللّهِ﴾ فتتركون رجمي لأجلهم لا لله ﴿وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءكُمْ ظِهْرِيًّا﴾ كالمنبوذ خلف الظهر فنسيتموه ﴿إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ﴾ لا يفوته شيء.