التّفسير
عاقبة المفسدين في مدين:
قرأنا في قصص الأقوام السابقين مراراً، أنّ الأنبياء كانوا في المرحلة الأُولى يدعونهم إلى الله ولم يألوا جهداً في النصيحة والإِبلاغ وبيان الحجّة، وفي المرحلة التي بعدها حيث لم ينفع النصح للجماعه ينذرها نبيّها ويخوّفها من عذاب الله، ليعود إلى طريق الحق من فيه الإِستعداد ولتتم الحجّة عليهم، وفي المرحلة الثّالثة، وبعد أن لم يُغن أي شيء ممّا سبق - تبدأ مرحلة التصفية وتطهير الأرض، وينزل العقاب فيزيل الأشواك من الطريق.
وفي شأن قوم شعيب - أي أهل مدين - وصل الأمر إلى المرحلة النهائية أيضاً، إذ يقول القرآن الكريم فيهم: (ولما جاء أمرنا نجيّنا شعيباً والذين آمنوا معه برحمة منّا وأخذت الذين ظلموا الصّيحة).
"الصيحة" كما قلنا سابقاً معناها في اللغة كل صوت عظيم، والقرآن الكريم يحكي عن هلاك أقوام متعددين بالصيحة السّماوية، هذه الصيحة يحتمل أن تكون صاعقةً من السّماء أو ما شابهها، وكما بينا في قصّة ثمود "قوم هود" قد تبلغ الأمواج الصوتية حدّاً بحيث تكون سبباً لهلاك جماعة من الناس
﴿وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مَّنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ﴾ صاح بهم جبرئيل فماتوا ﴿فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ﴾ صرعى على وجوههم موتى.