التّفسير
البطل المبارز لفرعون:
بعد إنتهاء قصّة شعيب وأهل مدين، يُشير القرآن الكريم إلى زاوية من قصّة موسى ومواجهته لفرعون وهذه القصّة هي القصّة السابعة من قصص الأنبياء في هذه السورة.
تحدث القرآن الكريم عن قصّة موسى (عليه السلام) وفرعون وبني اسرائيل أكثر من مائة مرّة.
وخصوصية قصّة موسى (عليه السلام) بالنسبة لقصص الأنبياء - كشعيب وصالح وهود ولوط (عليهم السلام) التي قرأناها في ما سبق - هي أنّ أُولئك الأنبياء (عليهم السلام) واجهوا الأقوام الضالين، لكن موسى (عليه السلام) واجه إِضافة إلى ذلك حكومة "ديكتاتور" طاغ مستبدّ هو فرعون الجبار.
وأساساً فإنّ الاصلاح ينبغي أن يبدأ من الاصل والمنبع، وطالما هناك حكومات فاسدة فلن يُبصر أي مجتمع وجه السعادة، وعلى القادة الإِلهيين في مثل هذه المجتمعات أن يدمروا مراكز الفساد قبل كل شيء.
ولكن ينبغي الإِلتفات إلى أنّنا نقرأ في هذا القسم من قصّة موسى زاوية صغيرة فحسب ولكنّها في الوقت ذاته تحمل رسالة كبيرة للناس جميعاً.
يقول القرآن الكريم أوّلا: (ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين).
"السلطان" بمعنى التسلّط، يستعمل تارةً في السلطة الظاهرية، وأحياناً في السلطة المنطقية، السلطة التي تحاصر المخالف في طريق مسدود بحيث لا يجد طريقاً للفرار.
ويبدو في الآية المتقدمة أنّ "السلطان" استعمل في المعنى الثّاني، والمرادُ بـ "الآيات" هي معاجز موسى الجليلة، وللمفسرين احتمالات أُخرى في هاتين الكلمتين.
﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا﴾ بمعجزاتنا ﴿وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ﴾ العصا أو غيرها.