(وما ظلمناهم ولكن ظلموا أنفسهم) حيث ركنوا ولجأوا إلى الأصنام والآلـهة "المزعومة" (فما أغنت عنهم آلهتهم التي يدعون من دون الله لما جاء أمر ربّك) بل زادوهم ضرراً وخسراناً (وما زادوهم غير تتبيب)(1).
(وكذلك أخذ ربّك إِذ أخذ القرى وهي ظالمة) فلا يدعها على حالها و(إِنّ أخذه أليم شديد).
هذا قانون إِلـهي عام ومنهج دائم، فما من قوم أو أُمّة من الناس يتجاوزون حدود الله ويمدون أيديهم للظلم ولا يكترثون لنصائح أنبيائهم ومواعظهم، إِلاّ أخذهم الله أخذاً شديداً واعتصرتهم قبضة العذاب.
هذه الحقيقة تؤكّد أنّ المنهاج السابق منهاج عمومي وسنّة دائمة، وتستفاد من آيات القرآن بصورة جيدة، وهي في الواقع إِنذار لأهل العالم جميعاً: أن لا تظنوا أنّكم مستثنون من هذا القانون، أو أنّ هذا الحكم مخصوص بالأقوام السابقين.
والطبع فإنّ الظلم بمعناه الواسع يشمل جميع الذنوب، ووصُفت القرية أو المدينةُ بأنّها "ظالمة" مع أنّ الوصف ينبغي أن يكون لساكنيها، فكأنما هناك مسألة دقيقة وهي أنّ أهل هذه المدينة انغمسوا في الظلم إلى درجة حتى كأنّ المدينة لها أصبحت مغموسة في الظلم أيضاً.
﴿وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ﴾ بإهلاكهم ﴿وَلَكِن ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ﴾ بكفرهم الموجب له ﴿فَمَا أَغْنَتْ﴾ دفعت ﴿عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ مِن شَيْءٍ لِّمَّا جَاء أَمْرُ رَبِّكَ﴾ عذابه ﴿وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ﴾ تخسير أو تدمير.