تعال يا أبانا وارفع اليد عن اتهامنا، فإِنّه أخونا وما يزال صبياً وبحاجة إلى اللهو واللعب، وليس من الصحيح حبسه عندك في البيت، فخلّ سبيله (أرسله معنا غداً يرتع ويلعب)(1).
وإِذا كنت تخشى عليه من سوء فنحن نواظب على حمايته (وإِنا له لحافظون).
وبهذا الأسلوب خططوا لفصل أخيهم عن أبيه بمهارة، ولعلّهم قالوا هذا الكلام أمام يوسف ليطلب من أبيه إِرساله معهم.
وهذه الخطة تركت الأب - من جانب - أمام طريق مسدود، فإِذا لم يرسل يوسف مع إِخوته فهو تأكيد على اتهامه إِيّاهم، وحرضت - من جانب آخر - يوسف على أن يطلب من أبيه الذهاب معهم ليتنزّه كما يتنزه إِخوته، ويستفيد من هذه الفرصة لاستنشاق الهواء الطلق خارج المدينة.
أجل، هكذا تكون مؤامرات الذين ينتهزون الفرصة، وغفلة الطرف الآخر، فيستفيدوا من جميع الوسائل العاطفية والنفسيّة، ولكن المؤمنين ينبغي ألاّ ينخدعوا بحكم الحديث المأثور "المؤمن كيّس" أي فطن ذكي فلا يركنُوا للمظهر المنمّق حتى لو كان ذلك من أخيهم.
﴿أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا﴾ إلى الصحراء ﴿يَرْتَعْ﴾ يتنعم ويأكل ﴿وَيَلْعَبْ﴾ بالرمي والاستباق ﴿وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ حتى نرده إليك.