ثمّ واصلت امرأة العزيز كلامها (ذلك ليعلم أنّي لم أخنه بالغيب) لأنّي عرفت بعد هذه المدّة الطويلة وما عندي من التجارب (أنّ الله لا يهدي كيد الخائنين).
في الحقيقة (بناءً على أنّ الجملة المتقدّمة لإمرأة العزيز كما يقتضيه ظاهر العبارة) فانّها ومن أجل إعترافها الصريح بنزاهة يوسف وما أخطأته في حقّه، تقيم دليلين:
الأوّل: إنّ وجدانها، ويحتمل بقايا علاقتها بيوسف، لا تسمح لها أن تستر الحقّ أكثر من هذا، وأن تخون هذا الشاب الطاهر في غيابه.
الثّاني: إنّ من مشاهدة الدروس المليئة بالعبر على مرور الزمن تجلّت لها هذه الحقيقة، وهي أنّ الله يرعى الصالحين ولا يوفّق الخائنين في مرادهم أبداً.
وبهذا بدأت الحجب تنقشع عن عينيها قليلا قليلا... وتلمس حقيقة الحياة ولا سيّما في هزيمة عشقها الذي صنع غرورها وشخصيتها الخياليّة، وإنفتحت عيناها على الواقع أكثر، فلا عجب أن تعترف هذا الإعتراف الصريح.
﴿ذَلِكَ﴾ الاستظهار للبراءة ﴿لِيَعْلَمَ﴾ العزيز ﴿أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ﴾ لا ينفذه أو لا يهديهم بكيدهم.