ثمّ أمرهم الأخ الأكبر أن يرجعوا إلى أبيهم ويخبروه بما جرى عليهم (ارجعوا إلى أبيكم فقولوا ياأبانا إنّ ابنك سرق) وهذه شهادة نشهدها بمقدار علمنا عن الواقعة حيث سمعنا بفقد صواع الملك، ثمّ عثر عليه عند أخينا، وظهر للجميع إنّه قد سرقها (وما شهدنا إلاّ بما علمنا) ولكن نحن لا نعلم إلاّ ما شهدناه بأعيننا وهذا غاية معرفتنا (وما كنّا للغيب حافظين).
وقد يرد إحتمال في تفسير هذه الآية، فلعلّهم بقولهم: (وما كنّا للغيب...)أرادوا أن يخاطبوا أباهم بأنّنا وإن قطعنا عند الأيمان والعهود المغلّظة على أن نرجع أخانا سالماً، لكنّنا لا نعرف من الأُمور إلاّ ظواهرها ومن الحقائق إلاّ بعضها، فغيب الأُمور عند الله سبحانه ولم نكن نتصوّر أن يسرق أخونا.
﴿ارْجِعُواْ إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُواْ يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ﴾ في الظاهر ﴿وَمَا شَهِدْنَا﴾ عليه ﴿إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا﴾ وشاهدنا من إخراج الصاع من رحله ﴿وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ﴾ أي لم نعلم حين أعطيناك الموثق أنه سيسرق أو لم نعلم باطن الأمر أنه سرق أو دس الصاع في رحله.