أمّا الإخوة فكانوا متألّمين من جميع ما جرى لهم، فمن جهة كان عذاب الوجدان لا يتركهم ممّا أحدثوه ليوسف، - وفي قضيّة بنيامين - شاهدوا أنفسهم في وضع صعب وامتحان جديد، ومن جهة ثالثة كان يصعب عليهم أن يشاهدوا أباهم يتجرّع غصص المرارة والألم ويواصل بكاؤه الليل بالنهار، توجّهوا إلى أبيهم وخاطبوه معاتبين (قالوا تالله تفتئوا تذكر يوسف حتّى تكون حرضاً أو تكون من الهالكين)(2) أي إنّك تردّد ذكر يوسف وتتأسّف عليه حتّى تتمرّض وتشرف على الهلاك وتموت.
لكنّ شيخ كنعان هذا النّبي العظيم والمتيقّظ الضمير ردّ عليهم بقوله: (إنّما أشكوا بثّي وحزني إلى الله)(3) لا إليكم، أنتم الذين تخونون الوعد وتنكثون العهد لأنّني (وأعلم من الله ما لا تعلمون) فهو اللطيف الكريم الذي لا أطلب سواه.
﴿قَالُواْ تَالله تَفْتَأُ﴾ لا تفتأ ولا تنفك ﴿تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا﴾ مشرفا على الموت أو ذائبا من الغم أو دنفا فاسد العقل وهو مصدر تصلح للواحد وغيره ﴿أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ﴾ الموتى.