فلمّا دخلوا القصر أكرمهم يوسف (عليه السلام) (ورفع أبويه على العرش).
وكانت هذه العظمة من النعمة الإلهيّة واللطف والموهبة التي منّ الله بها على يوسف قد أدهشت إخوة يوسف وأبويه فذهلوا جميعاً (وخرّوا له سُجّداً).
وعندها إلتفت يوسف إلى أبيه (وقال ياأبت هذا تأويل رؤياي من قبل).
ألم يكن أنّي رأيت أحد عشر كوكباً والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين؟!
فانظر ياأبت كما كنت تتوقّع من عاقبة أمري (قد جعلها ربّي حقّاً)... (وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن).
الطريف هنا أنّ يوسف تكلّم هنا عن سجنه في مصر من بين جميع مشاكله ولم يتكلّم على الجبّ مراعاةً لإخوته.
ثمّ أضاف يوسف قائلا: (وجاء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي).
ومرّة أُخرى يظهر هنا يوسف مثلا آخر من سعة صدره وعظمته، ودون أن يقول: من هو المقصّر، وإنّما يقول بصورة مجملة أنّ الشيطان تدخّل فنزغ بيني وبين إخوتي، فهو لا يريد أن يتشكّى من أخطاء إخوته السالفة.
والتعبير عن أرض كنعان بالبدو تعبير طريف وكاشف عن مدى الإختلاف بين تمدّن مصر وتخلّف كنعان "حضاريّاً".
وأخير يقول يوسف: إنّ جميع هذه المواهب هي من قِبَل الله، ولِمَ لا تكون كذلك فـ(إنّ ربّي لطيف لما يشاء).
فيتولّى اُمور عباده بالتيسير والتدبير... وهو يعلم من هو المحتاج ومن هو الجدير بالإستجابة (إنّه هو العليم الحكيم).
﴿وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ﴾ معه ﴿عَلَى الْعَرْشِ﴾ على سرير الملك ﴿وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا﴾ كان سجودهم لله طاعة وشكرا أو ليوسف تحية وإعظاما وقرىء وخروا لله ساجدين ﴿وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا﴾ وكان بعد رؤياه وتأويلها ثمانون سنة أو أربعون ﴿وَقَدْ أَحْسَنَ بَي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ﴾ ولم يذكر الجب لأنه نوع تثريب ﴿وَجَاء بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ﴾ البادية وكانوا سكنوها لمواشيهم ﴿مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ الشَّيْطَانُ﴾ أفسد ﴿بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي﴾ بالحسد ﴿إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاء﴾ في تدبيره ﴿إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ﴾ بالمصالح ﴿الْحَكِيمُ﴾ في التدبير.