التّفسير
أصدق الدروس والعبر:
في الآية الأُولى من هذه المجموعة يتلقّى النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الأوامر لتحديد الطريق والمنهج الذي يتّبعه، فيقول القرآن الكريم: (قل هذه سبيلي أدعو إلى الله) ثمّ يضيف: (على بصيرة أنا ومن اتّبعني).
وهذه الجملة توضّح أنّ كلّ فرد مسلم مقتد بالرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم) له نفس الدور في الدعوة إلى الحقّ، ولابدّ من دعوة الآخرين إلى الله، من خلال أفعالهم وأقوالهم، وكذلك تؤكّد هذه الجملة على أنّ القائد يجب أن تكون له بصيرة ومعرفة كافية، وإلاّ فإنّ دعوته ليست إلى الحقّ، وللتأكيد على ذلك يضيف القرآن الكريم: (وسبحان الله وما أنا من المشركين).
فهو يؤكّد على نزاهة الخالق الذي يدعو إليه وكماله المطلق الخالي من النقصان وأنّه لا يتّخذ معه شريكاً.
هذه في الواقع من خصائص القائد الصادق، أن يعلن بصراحة عن أهدافه وخُططه، وأن يسير هو والتابعين له على منهج واضح وسليم، لا أن تسودهم هالة من الإبهام في الهدف والطريقة.
أو أن يسير كلّ واحد منهم في جهة معيّنة.
فواحدة من الطرق التي نتعرّف بها على القيادات الصادقة من الكاذبة هو أنّ القيادة الصادقة تتميّز بصراحة القول ووضوح الطريق أمّا الأُخرى فهي لكي تحاول التغطية على سلوكها وتلتجىء إلى الحديث المبهم والمتعدّد الجوانب.
إنّ وقوع هذه الآية بعد الآيات المتعلّقة بيوسف تشير إلى أنّ طريقة ومنهج النّبي لا يختلفان عن طريقة ومنهج يوسف النّبي.
فهو كان يدعو إلى "الله الواحد القهّار" حتّى في زوايا السجن، أمّا غيره فكان يدعو إلى أسماء انتقلت إليه بسبب التقليد من جاهل إلى جاهل آخر.
أمّا سيرة الأنبياء والرسل كلّها واحدة.
وبما أنّ الأقوام الضالّة والجاهلة كانت دائماً تثير هذا الإعتراض على الأنبياء وهو أنّكم بَشر؟!
﴿قُلْ هَذِهِ﴾ الدعوة إلى الإيمان ﴿سَبِيلِي﴾ سنتي ﴿أَدْعُو إِلَى اللّهِ﴾ إلى دينه ﴿عَلَى بَصِيرَةٍ﴾ كائنا على حجة بينة ﴿أَنَاْ﴾ تأكيد للمستكن ﴿وَمَنِ اتَّبَعَنِي﴾ عطف عليه ﴿وَسُبْحَانَ اللّهِ﴾ تنزيها له عما أشركوا ﴿وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ شيئا.