التّفسير
ألا بذكر الله تطمنّ القلوب:
في سورة الرعد - كما أشرنا سابقاً - بحوث كثيرة حول التوحيد والمعاد والنبوّة، فالآية الأُولى من هذه المجموعة تبحث مرّةً أُخرى في دعوة الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وتبيّن واحداً من أعذار المشركين المعاندين حيث يقول تعالى: (ويقول الذين كفروا لولا اُنزل عليه آية من ربّه).
جملة "يقول" فعل مضارع للدلالة على أنّ هذا العذر كان يجري على ألسنتهم كثيراً، رغم ما يرونه من معجزات الرّسول (فعلى كلّ نبي أن يظهر المعجزة كدليل على صدقه) ومع ذلك كانوا يحتجّون عليه ولا يؤمنون بالمعاجز السابقة، ويطلبون منه معاجز جديدة تلائم أفكارهم.
وبعبارة أُخرى إنّ هؤلاء وجميع المنكرين لدعوة الحقّ كانوا دائماً يطلبون "المعاجز الإقتراحية"، ويتوقّعون من النّبي أن يجلس في زاوية الدار ويُظهر لكلّ واحد منهم المعجزة التي يقترحها، فإن لم تعجبهم لم يؤمنوا بها!.
في الوقت الذي نرى فيه أنّ الوظيفة الرئيسيّة للأنبياء هي التبليغ والإرشاد والإنذار وهداية الناس، وأمّا المعجزة فهي أمرٌ إستثنائي وتكون بأمر من الله لا من الرّسول، ولكن نحن نقرأ في كثير من الآيات القرآنية أنّ هذه المجموعة المعاندة لا تأخذ هذه الحقيقة بنظر الإعتبار، وكانت تؤذي الأنبياء دائماً بهذه الطلبات.
ويجيبهم القرآن الكريم حيث يقول: (قل إنّ الله يضلّ من يشاء ويهدي إليه من أناب).
وهذه إشارة إلى أنّ العيب ليس من ناحية الإعجاز، لأنّ الأنبياء قد أظهروا كثيراً من المعاجز، ولكن النقص من داخل أنفسهم.
وهو العناد والتعصّب والجهل والذنوب التي تصدّ عن الإيمان.
ولأجل ذلك يجب أن ترجعوا إلى الله وتنيبوا إليه وترفعوا عن عيونكم وأفكاركم ستار الجهل والغرور كي يتّضح لكم نور الحقّ المبين.
﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاَ﴾ هلا ﴿أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ﴾ كالناقة والعصا ﴿قُلْ إِنَّ اللّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء﴾ يخذله بسوء فعله وعدم اعتداده بالآيات المنزلة ﴿وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ﴾ رجع عن العناد إلى الانقياد.