ومن جملة هذه الإشكالات:
أوّلا: كان البعض يقول: هل من الممكن أن يكون الرّسول من جنس البشر، يتزوّج وتكون له ذرّية؟ فالآية تجيبهم وتقول ليس هذا بالأمر الغريب: (ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجاً وذرّية)(1).
ويتبيّن من إشكالهم أنّهم إِمّا أن يكونوا غير عالمين بتاريخ الأنبياء، أو أنّهم يتجاهلون ذلك وإلاّ لم يوردوا هذا الإشكال.
ثانياً: كان ينتظر هؤلاء من الرّسول أن يجيبهم على كلّ معجزة يقترحونها عليه بما تقتضيه أهواؤهم، سواء آمنوا أو لم يؤمنوا، ولكن يجب أن يعلم هؤلاء أنّ (وما كان لرسول أن يأتي بآية إلاّ بإذن الله).
ثالثاً: لماذا جاء نبي الإسلام (صلى الله عليه وآله وسلم) وغيّر أحكام التوراة والإنجيل، أو ليست هذه كتب سماوية؟ وهل من الممكن أن ينقض الله أوامره؟ (هذا الإشكال كان يطابق ما يقوله اليهود من عدم نسخ الأحكام).
وتجيب الجملة الأخيرة من الآية فتقول: (لكلّ أجل كتاب) كيما تبلغ البشرية المرحلة النهائية من الرشد والتكامل فليس من العجيب أن ينزّل يوماً التوراة، ويوماً آخر الإنجيل، ثمّ القرآن، لأنّ البشرية في تحوّلها وتكاملها بحاجة إلى البرامج المتغيّرة والمتفاوتة.
ويحتمل أنّ جملة (لكلّ أجل كتاب) جواب لمن كان يقول: إذا كان الرّسول صادقاً، لماذا لا ينزل الله عذابه وسخطه على المخالفين والمعاندين؟ فيجيبهم القرآن بأنّ (لكلّ أجل كتاب) وليس بدون حساب وكتاب، وسوف يصل الوقت المعلوم للعقاب
﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً﴾ فلا معنى لتعييرهم لك بكثرة النساء ﴿وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ﴾ مقترحة عليه ﴿إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ﴾ ومشيئته ﴿لِكُلِّ أَجَلٍ﴾ وقت ﴿كِتَابٌ﴾ حكم مكتوب على الخلق ما يوجبه تدبيرهم.