التّفسير
نهاية كفران النعم:
الخطاب في هذه الآيات موجّه للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو في الحقيقة عرض لواحد من موارد "الشجرة الخبيثة".
يقول تعالى أوّلا: (ألم تر إلى الذين بدّلوا...) إلى نهاية الآية.
هؤلاء هم جذور الشّجرة الخبيثة وقادة الكفر والإنحراف، لديهم أفضل نعمة وهو رسول الله، وبإستطاعتهم أن يستفيدوا منه في الطريق إلى السعادة، إلاّ أنّ تعصّبهم الأعمى وعنادهم وحقدهم صارت سبباً في تركهم هذه النعمة الكبيرة، ولم يقتصروا على تركها فحسب.
بل أضلّوا قومهم أيضاً ممّا جعلهم يسلكون هذا السلوك.
مع أنّ بعض المفسّرين الكبار عند متابعتهم للروايات الإسلامية فسّروا - أحياناً - هذه النعمة بوجود النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأحياناً أُخرى بالأئمّة (عليهم السلام)، وفسّروا الكافرين بهذه النعمة "بني اُميّة" و "بني المغيرة" مرّةً، ومرّةً أُخرى جميع الكفّار الذين عاصروا عهد النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولكن من المسلّم به أنّ للآية مفهوماً أوسع من هذا، وليس مختّصاً بمجموعة معيّنة، بل تشمل جميع الأفراد الذين يكفرون بالنعم الإلهيّة.
وتثبّت الآية ضمناً هذه الحقيقة، وهي أنّ الإستفادة من وجود القادة العظام تعود لنفس الإنسان، كما أنّ الكفر بهذه النعمة العظيمة يؤدّي إلى الهلاك والبوار.
﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللّهِ﴾ أي شكرها ﴿كُفْرًا﴾ فوضعوها موضعه أو بدلوا نفسها كفرا أي سلبوها فاعتاضوا عنها بالكفر، وفي الصافي نحن والله نعمة الله وبنا يفوز من فاز ﴿وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ﴾ أتباعهم ﴿دَارَ الْبَوَارِ﴾ الهلاك.