التّفسير
الأماني الزّائفة!!
سورة أُخرى تفتتح بالحروف المقطعة (ألف، لام، وراء) لتبيّن من جديد أنّ مفردات كتاب نور السماء إَلى ظلام أهل الأرض، ما هي إِلاّ عين تلك الأبجدية التي تلوك ألفاظها ألسن كل البشر، صغيرهم وكبيرهم، بين مختلف اللغات، ومع ذلك فلا يستطيع أي مخلوق الوصول لبناء وتركيب كلام القرآن، وهو ذروة التحدي الرباني المعجز، وعليه فقد جاءت (تلك آيات الكتاب وقرآن مبين) مباشرة.
كما نعلم أنّ "تلك" اسم إِشارة للبعيد، والمفروض في هذا الموضع استعمال اسم الإِشارة (هذه) باعتباره يدل على القرب، لأنّ القرآن كتاب بين أيدينا، إِلاّ إنّ لغة العرب - كما بيّنا سابقاً - تسمح بذلك لبيان عظمة المشار إِليه، فالمراد أنّ لشأن القرآن عظمةً، وكأنّه في موضع بعيد جدّاً بين طيات السماء لا يناله إِلاّ منْ مَلَكَ مستلزمات التحليق إِليه.
ويقارب ذلك ما نتداوله فيما بيّننا عند تعظيم شخص معين فنقول له مثلا: (إنْ سمح لنا ذلك السّيد أنْ...) فنستعمل (ذلك) مع كون الشخص مخاطباً.
وأمّا بشأن مجيء صيغة "قرآن" نكرة فلبيان عظمته أيضاً، وذكر "القرآن" بعد "الكتاب" تأكيدٌ، ووصفه بال- "مبين" لأنّه يظهر الحقائق ويبيّن الحق من الباطل.
وأمّا ما احتمله بعض المفسّرين من أنّ المراد بكلمة "الكتاب" إِشارة إِلى التوراة والإَنجيل، فهو كما يبدو بعيد جدّاً ويفتقد الى الدليل.
ثمّ يحذر الذين يصرون على الفساد ومخالفة آيات اللّه الجلية، ويخبر بأنّهم سوف يندمون حين ينكشف الغطاء يوم القيامة بما كسبت أيديهم من كفر وتعصب أعمى وعناد.
﴿الَرَ تِلْكَ﴾ الآيات ﴿آيَاتُ الْكِتَابِ﴾ أي القرآن والإضافة بمعنى من أو السورة ﴿وَقُرْآنٍ مُّبِينٍ﴾ أي آيات الجامع لكونه كتابا وقرآنا مبينا للحق من الباطل ونكر تفخيما.